أهمية يوم الجمعة
الزيارات:
الزيارات:
Unknown | 9:11 ص |
كن أول من يعلق!

من
غسل يوم الجمعة و اغتسل ، و بكر و ابتكر ، و مشى و لم يركب ، و دنا من
الإمام فاستمع ، و لم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة ، أجر صيامها و قيامها
صحيح الترغيب
إذا كان يوم
الجمعة ، قعدت الملائكة على أبواب المسجد ، فكتبوا من جاء إلى الجمعة ،
فإذا خرج الإمام ، طوت الملائكة الصحف . قال : فقال رسول الله : المهجر إلى
الجمعة كالمهدي بدنة ، ثم كالمهدي بقرة ، ثم كالمهدي شاة ، ثم كالمهدي بطة
، ثم كالمهدي دجاجة ، ثم كالمهدي بيضة
صحيح النسائي
من توضأ
يوم الجمعة ، فأحسن الوضوء ، ثم أتى الجمعة ، فدنا ، و استمع ، و أنصت ،
غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى ، و زيادة ثلاثة أيام ، و من مس الحصى
فقد لغا
صحيح الجامع
من اغتسل يوم الجمعة ؛ لم يزل طاهرا إلى الجمعة الأخرى
صحيح الترغيب
أكثروا الصلاة علي في يوم الجمعة ؛ فإنه ليس يصلي علي أحد يوم الجمعة إلا عرضت علي صلاته
صحيح الجامع
احضروا الجمعة ، و ادنوا من الإمام ، فإن الرجل ليتخلف عن الجمعة حتى يتخلف عن الجنة ، و إنه لمن أهلها
صحيح الجامع
خير يوم طلعت عليه الشمس : يوم الجمعة ؛ فيه خلق آدم ، وفيه أهبط ، وفيه
مات ، وفيه تيب عليه ، وفيه تقوم الساعة ، وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم
الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس ؛ شفقا من الساعة ؛ إلا الجن والإنس ،
وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي ، يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه
صححه الألبانى
المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم 5
الزيارات:
الزيارات:
Unknown | 3:29 م |
كن أول من يعلق!
المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الحادي عشر
أحكام التجويد والترتيل
أحكام تجويد القرآن
أ-التجويد: غايته وحكمه وطرق تلقيه ومراتبه
- علم التجويد: علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية. وتجويد الحروف هو الإتيان بها جيدة اللفظ تطابق أجود نطق لها وهو نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وترتيل القرآن هو معنى قوله تعالى: { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }(المزمل: من الآية4)، بمعنى اقرأه بحق قراءته وذلك بإتيان حروفه ومخارجها على الوجه الأكمل. والترتيل والتجويد هما كلمتان تعطيان نفس المعنى.
- غاية علم التجويد: بلوغ الإتقان في تلاوة القرآن. أو هو: صون اللسان عن اللحن في تلاوة القرآن.
-حقيقة علم التجويد: إعطاء كل حرف حقه ومستحقه في النطق، وإتقان الحروف وتحسينها وخلوها من الزيادة والنقص والرداءة.
-حكم تعلّم التجويد: فرض كفاية على المسلمين ، إذا قام به البعض سقط عن الكل.
-حكم العمل به: فرض عين على كل مسلم ومسلمة من المكلفين عند تلاوة القرآن.
-طريقة أخذ علم التجويد على نوعين :
1. أن يسمع الآخذ من الشيخ، وهي طريقة المتقدمين.
2. أن يقرأ الآخذ في حضرة الشيخ وهو يسمع له ويصحح.
والأفضل الجمع بين الطريقتين.
مراتب القراءة الصحيحة:
1- التحقيق: لغة: هو المبالغة في الإتيان بالشيء على حقيقته من غير زيادة فيه ولا نقص عنه، فهو بلوغ حقيقة الشيء والوقوف على كنهه، والوصول إلى نهاية شأنه.
واصطلاحا: إعطاء الحروف حقها من إشباع المد وتحقيق الهمز وإتمام الحركات وتوفية الغنات وتفكيك الحروف وهو بيانها، وإخراج بعضها من بعض بالسكت والتؤدة، والوقف على الوقوف الجائزة والإتيان بالإظهار والإدغام على وجهه.
2- الحدر: لغة: مصدر من حَدَرَ يُحدر إذا أسرع، أو هو من الحدر الذي هو الهبوط، لأن الإسراع من لازمه.
واصطلاحا: إدراج القراءة وسرعتها مع مراعاة أحكام التجويد من إظهار وإدغام وقصر ومد، ومخارج وصفات.
3- التدوير: فهو عبارة عن التوسط بين مرتبتي التحقيق والحدر
4-الترتيل: لغة: مصدر من رتل فلان كلامه، إذا أتبع بعضه بعضا على مكث وتفهم من غير عجله.
واصطلاحا:هو قراءة القرآن بتمهل وتؤدة واطمئنان وإعطاء كل حرف حقه من المخارج والصفات والمدود.
ب- حكم الميم والنون المشدّدتين
1. عند لفظ ميم مشددة ينبغي إظهار الغنة (الغنة : صوت خفيف يخرج من الأنف لا عمل للسان به ) مقدار حركتين (الحركة : هي الوحدة القياسية لتقدير زمن المد والغنة، أو مقدار طيّ اليد وفتحها ) مثل: أمّا، ثمَّ ، عمّ ، أمّن.
2. عند لفظ نون مشددة ينبغي إظهار الغنة مقدار حركتين مثل: إنّ، إنّا، { من الجِنَّة والنّاس }.
ج- أحكام النون الساكنة والتنوين
1- الإظهار الحلقي:
-الإظهار: هو إخراج الحرف الساكن من مخرجه من غير وقف ولا سكت ولا تشديد.
-حروفه: الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء، وهي مجموعة في أوائل الكلمات التالية: ( أخي هاك علماً حازهُ غير خاسر ). وتسمى هذه الحروف حروف الحلق، لأن مخرجها هو الحلق، ولذا سمي الحكم: الإظهار الحلقي.
طريقة النطق: نظهر النون الساكنة أو التنوين قبل (الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء).
مثاله :
1- ن+ أ : { مِنْ آيَاتِنَا }، { مَنْ أَرَادَ }، { مَرَّةً أُخْرَى }، { مِلْحٌ أُجَاجٌ }.
2- ن + ه: { عَنْهُمْ }، { مِنْهُمْ }، { إِنْ هُمْ }.
3- ن + ع: { إنْ عُدْنا }، { أنْعَمْتَ }، { يومٌ عَسيرٌ }، { إثْماً عَظيماً }.
4- ن + ح: { منْ حَوْلِهِمْ } ، { شَيءٌ حَفيظٌ } ، { أُسْوَةٌ حَسَنَة }.
5- ن + غ: { مِنْ غَيْرِ }، { عملٌ غَيْر صالِح }، { منْ عذابٍ غَليظ }.
6- ن + خ: { مَنْ خَلَقَ }، { كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ }.
2- الإدغام:
هو دمج النون الساكنة أو التنوين بحرف من حروف الإدغام بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدداً، هو حرف الإدغام. حروف إدغام النون ستة: تجمعها كلمة (يرملون).
ينقسم الإدغام إلى قسمين :
**القسم الأول: الإدغام بغنة: يكون عند التقاء النون الساكنة أو التنوين عند أحرف كلمة : ( ينمو).
كيفيته: أن تدغم النون فلا تقرأ، بل يشدد الحرف الذي يليها، وتظهر الغنة على هذا الحرف المشدد مقدار حركتين . مثاله:
1. ن + ي: { إِنْ يَرَوْا } ، { فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ } وتقرآن: " أيّروا " ، " فِئَتينْصرونه ".
2. ن + و: { مِنْ وَالٍ }، { إِيمَانًا وَهُمْ } وتقرآن: " مِوَّال "،" إيمانَوَّهم".
3. ن + م: { مِنْ مَاءٍ }، { صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } وتقرآن: " مِمَّاء " ، " صراطمّسْقيماً ".
4. ن + ن: { إِنْ نَحْنُ }، { مَلِكًا نُقَاتِلْ } وتقرآن: " إنَّحن"، "مَلِكنُّقاتل".
ملاحظة: إذا وقع حرف الإدغام بعد النون الساكنة في كلمة واحدة، فلا يصح الإدغام، بل يجب إظهار النون الساكنة وقد وقع ذلك في القرآن بأربع كلمات هي: { دُنْيا }، { قنْوان } ، { بُنْيان }، { صِنْوان }.
ملاحظة: في موضعين من القرآن الكريم تظهر النون الساكنة عند الواو ولا تدغم بها وهما: { يس والقُرآنِ الحَكيم } تقرأ: "ياسين والقرآن الحكيم". { ن والقلم } تقرأ: "نونْ والقلم".
**القسم الثاني: الإدغام بلا غنة: يكون عندما تقع النون الساكنة أو التنوين قبل حرف اللام والراء مثاله:
1. 1. ن+ ل: { أَنْ لَوْ } فتقرأ : " الّو " { أنْداداً لِّيُضِلُّوا } فتقرأ: " أندادَ لِّيضلوا ".
2. 2. ن + ر: { مِنْ رَب } فتقرأ : " مِرَّب ". { بشرا رسولاً } فتقرأ: " بَشَرَ رَّسولاً ".
3- الإقلاب: هو قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً قبل الباء مع مراعاة الغنة.
حرفه: الباء
كيفيته: عند ورود نون ساكنة أو تنوين وبعد هما باء، سواء في كلمة واحدة أو كلمتين، تقرأ النون ميماً، يبقى صوت الغنة على الميم مقدار حركتين.
مثاله:
1. { من بعد } تقرأ : " مِمْبَعد ".
2. { بسلطان مبين }: تقرأ: " بسلطنمبين ".
3. { سميعٌ بصير }: تقرأ: " سميعمبصير ".
4. { سحر مبين }: " تقرأ: " سحرمبين ".
5. { لينبذن }: تقرأ: " ليمبَذنّ ".
6. { أنبآء }: تقرأ: " أمباء ".
4- الإخفاء: هو حالة بين الإظهار و الإدغام عار عن التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول.
حروفه: سائر حروف الهجاء عدا حروف الإظهار، والإدغام، وحرف الإقلاب وهي مجموعة في أوائل البيت التالي:
صِفْ ذَا ثَنَاكَمْ جَاء شخصٌ قد سَمَا دمٌ طيباً زدْ في تقىً ضعْ ظالماً.
كيفيته: عند ورود حرف الإخفاء بعد النون الساكنة أو التنوين تلفظ النون مسموعة من الأنف ولا تشدد، ولا يشدد حرف الإخفاء الذي يليها .
ويكون الإخفاء في كلمة أو كلمتين مثاله:
1. ص: { انْصُرْنا }، { ولمن صَبَرَ }، { بريح صَرْصَر }، { ونخيلٌ صِنوان }.
2. ذ: { منذ }، { من ذا }، { وكيلاً ذريةً }، { ظل ذي }.
3. ث: { الأنثى }، { أن ثبتناك }، { شهيداً ثم }، { نطفةٍ ثم }.
4. ك: { فانكحوا }، { وإنْ كانت }، { علواً كبيراً }، { شيءٍ كذلك }.
5. ج: { أنجيناه }، { من جاء }، { رُطباً جنياً }، { فصبرٌ جميل }.
6. ش: { أنشره }، { ممن شهد }، { جباراً شقياً }، { ركنٍ شديد }.
7. ق: { تنقمون }، { من قبل }، { رزقاً قالوا }، { عذابٌ قريب }.
8. س: { الإنسان }، { ولئن سألتهم }، { قولاً سديداً }، { فوجٌ سألهم }.
9. د: { أنداداً }، { وما من دابة }، { كأساً دهاقاً }، { يومئذ دُبُره }.
10.ط: { انطلقوا }، { من طبيات }، { حلالاً طيباً }، { كلمة طيبة }.
11.ز: { أنزل }، { فإن زللتم }، { نفساً زكية }، { يومئذ رزقاً }.
12.ف: { ينفقون }، { فان فاؤوا }، { عاقراً فهب }، { لاتيةٌ فاصفح }.
13.ت: { أنت }، { وان تصبروا }، { حلية تلبسونها }، { يومئذ تُعرضون }.
14.ض: { منضود }، { ومن ضل }، { قوماً ضالين }، { قوةٍ ضعفاً }.
15.ظ: {انظروا}، {من ظهير}، {ظلاً ظليلاً}، {سحابٌ ظلمات}.
ملاحظتان:
1 -عند إجراء عملية الإخفاء نحاول أن نُخرج الإخفاء من مخرج الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين. ومعرفة مخرج الحرف تكون بوضع الهمزة قبل هذا الحرف وتسكين الحرف. مثال: أصْ، أذْ، أثْ، أكْ، أجْ، أشْ ، أقْ ، أسْ ، أدْ، أطْ، أزْ، أفْ، أتْ، أضْ، أظْ.
2- يأخذ الإخفاء صفة الحرف الذي يلي النون الساكنة، يعني هذا أن الإخفاء يكون مفخما إذا كان الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين مفخماً. مثاله: { من طيبات }.
وإذا كان الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين مرققاً، فعندئذ يكون الإخفاء مرققا. مثاله: { من ذا الذي }.
د- أحكام الميم الساكنة.
1- الإخفاء الشفوي: هو أن تأتي الميم الساكنة في آخر الكلمة، ويأتي بعدها حرف الباء، فعندئذ تخفى الميم الساكنة بالباء مع بقاء الغنة. ومثاله: { وهمْ بالآخرة }، { ترميهمْ بحجارة }، { أنتمْ به }.
2-الإدغام الشفوي: هو أن تأتي آخر الكلمة ميم ساكنة وتأتي بعدها ميما متحركة، فعندئذ تدغم الميم الساكنة بالمتحركة لتصبحا ميما واحدة مشددة تظهر عليها الغنة. ومثاله: { في قلوبهم مرض } تقرأ: " في قلوبهمّرض.". { جاءكم من }، تقرأ: " جاءكمِّن" .. { أزواجهم مثل } تقرأ: " أزواجهمّثل."
3-الإظهار الشفوي: هو أن يأتي بعد حرف الميم الساكنة حروف الهجاء ما عدا الباء والميم في كلمة واحدة أو في كلمتين. ويكون أشد إظهاراً بعد الواو أو الفاء، لاتحاد مخرج الميم مع الواو، وقرب مخرجها مع الفاء.
مثاله: { ذلكم خير لكم }، { وإن كنتم على }، { ولكم فيها }، { عليهم ولا الضالين }، { عليهم فيها }، { ذلكم حكم }.
ه- الإدغام.
**1-إدغام المتماثلين: إذا التقى حرفان متماثلان أولهما ساكن والثاني متحرك أدغم الأول في الثاني.
مثاله: { ما لكم من }، { من نزّل }، { بل لا }، { ما كانت تعبد }، { اضرب بعصاك }. { اذهب بكتابي }، { يدرككم }، { إذْ ذَهَبَ }.
ملاحظات:
1-يجوز الإدغام والإظهار مع السكت.
والإظهار أرجح في قوله: { مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَه * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه } [الحاقة: 28-29] فتقرأ على الإدغام " ما لِيهّلَكَ " أو تظهر { ماليهْ * هلك } ويوقف على الهاء الأولى وقفة خفيفة من غير قطع نفس.
2-إذا كان الحرف الأول واواً أو ياءً وبعدهما مثلهما متحركان فلا إدغام فيهما.
مثاله: { آمنوا وعملوا }، { الذي يوسوس }.
3-وأما إذا كان الأول حرف لين، فيدغم في المماثل.
مثاله: { والذين آووا ونصروا } فتقرأ: "آوَوّ نصروا".
**2- إدغام المتجانسين: ويكون عندما يتفق الحرفان مخرجا (المخرج : هو محل خروج الحرف عند النطق به .)، ويختلفان صفة، ويكون في الأحرف التالية:
أ- التاء الساكنة: تدغم التاء الساكنة- بلا غنة- في موضعين: إذا جاء بعدها دال أو طاء.
1. ت+ د { أثقلت دعوا } تقرأ: " أثقلَدَّعَوا." { أجيبتْ دعوتكما } تقرأ: " أُجيبَدَّعوتكما"
2. ت+ ط: { همت طائفتان } تقرأ: هَمّطَّائفتان". { قالت طائفة } تقرأ: قالَطَّائفة".
ب- الدال الساكنة: تدغم الدال الساكنة -بلا غنة - إذا جاء بعدها تاء. ومثاله:
1- د+ ت: { قدْ تَبَين } تقرأ: " قَتَّبين" . و{ ومَهّدْتُ } تقرأ: " ومَهّتّ. { لقد كِدْت } تقرأ: " لقدْكِتَّ "
ج- الباء الساكنة: تدغم الباء الساكنة في الميم بعدها مع مراعاة الغنة في مكان واحد في القرآن هو: { يا بني اركبْ معنا } [ هو: 42 ] تقرأ: " اركمّعنا ".
د- الذال الساكنة: تدغم الذال الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها حرف الظاء. ومثاله:
1- ذ + ظ: { إذ ظلمتم } تقرأ " إظَّلَمْتم ".
هـ الثاء الساكنة: تدغم الثاء الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها حرف الذال. ومثاله:
ث + ذ: { يلهثْ ذلك } تقرأ: " يلهّذَّلك ".
و- الطاء الساكنة: تدغم الطاء الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها تاء. ومثاله:
ط+ ت: { أحطّت } تقرأ: " أحَتُّ ". { بسطت }. تقرأ: " بسَتّ " { فرطتم } تقرأ: " فرَتّم ".
ملاحظة: تبقى في هذه الحالة صفة التفخيم للطاء المدغمة ومن أجل ذلك يسمى إدغاماً ناقصاً.
**3- إدغام المتقاربين: إذا تقارب الحرفان مخرجاً وصفة، وكان الأول منهما ساكناً، وجب إدغامه في الثاني - بلا غنة - وذلك في حالتين:
1. اللام في الراء: مثل: { قلْ رب } تقرأ: " قُرَّب "
2. القاف مع الكاف: مثل: { المْ نخلقْكُم } تقرأ: " نَخْلُكّمْ ". يجوز في هذه الحالة إبقاء صفة تفخيم القاف فيكون الإدغام ناقصاً أو حذف هذه الصفة ويكون الإدغام كاملاً.
وتظهر جميع الأحرف الساكنة التي لم ترد لها أحكام خاصة عند بعضها البعض، وينبغي الانتباه إلى إظهار ما يلي:
1. الضاد الساكنة عند الطاء في نحو: { فمن اضطر }.
2. الضاد الساكنة عند التاء في نحو: { فإذا أفضتم }.
3. الظاء الساكنة عند التاء في نحو: { سواءٌ علينا أوَعظت }.
4. الدال الساكنة عند الكاف، نحو: { لقدْ كدت }.
حكم لام التعريف: للام التعريف الداخلة على الأسماء حكمان أولهما وجب الإظهار قبل الأحرف القمرية المجموعة في قولهم: "ابغِ حجك وخف عقيمه" والثاني وجوب الإدغام قبل الأحرف الشمسية والتي هي في أوائل كلمات هذا البيت:
طب ثم صل رحماً تفز صف ذا نعم دع سوء ظن زر شريفاً للكرم
و- المدود
المد: هو إطالة زمن جريان الصوت بحرف المد. وحروف المد ثلاثة:
الألف الساكنة المفتوح ما قبلها:َ ا.
الواو الساكنة المضموم ما قبلها: ُ و.
الياء الساكنة المكسور ما قبلها: ِ ي.
وهذه الحروف الثلاثة متضمنة في كلمة واحدة هي:
نوحيها.
أ - أقسام المد:
1- المد الطبيعي أو الأصلي: هو ما لا تقوم ذات الحرف إلا به، ولا يتوقف على سبب همز
بعده أو سكون، مثاله: نوحيها. ومقدار مده حركتان، ولا يجوز الزيادة أو النقصان عن الحركتين.
2- المد الفرعي: هو ما زاد على المد الأصلي، ويكون بسبب اجتماع حرف المد بهمز بعده أو سكون.
فالهمز والسكون سببان للمد الفرعي، فعليه يكون المد الفرعي نوعان: مد بسبب الهمز، ومد بسبب السكون.
1- المد بسبب الهمز:
أ- إن كان الهمز قبل حرف المد فيسمى مد البدل: وسمي بدلاً لأن حرف المد فيه بُدل من الهمزة الساكنة.
مثاله: { ءامنوا }، { أيماناً }، { أُوتوا }.
ب- إن كان الهمز بعد حرف المد: فهو نوعان:
المد المتصل: هو أن يأتي حرف المد والهمز بعده في كلمة واحدة ويسمى المد الواجب المتصل. ويمد خمس حركات.
مثاله: { إذا جآءَ نصر الله والفتح }، { وأحاطت به خطيئته }، { سُوءَ العذاب }.
المد المنفصل: هو أن يأتي حرف المد في آخر كلمة، والهمز بعده في كلمة أخرى تليها، ويسمى المد الجائز. ويمد خمس حركات، ونستطيع أن نقصره إلى حركتين.
مثاله: { يا أيها }، { الذي أنزل }، { توبوآ إلى الله }.
ملاحظة: يمنع مد الألف في كلمة ( أنا ) حيثما وجد إلا في حالة الوقف، نحو: { قال أنا أحي وأميت }، { وأنا أعلم }.
2- المد بسبب السكون: وهو نوعان:
أ- سكون عارض: وهو أن يكون الحرف قبل الأخير من الكلمة حرف مد، والحرف الأخير متحرك، فإن درجنا الكلام ووصلنا الكلمة بما بعدها كان المد طبيعياً، وإن وقفنا على الحرف الأخير بالسكون صار المد الذي قبل الحرف الأخير مداً بسبب السكون العارض ويسمى: مداً عارضاً للسكون. يمد ست حركات، أو أربع، أو حركتان .
مثاله: { إن الله شديد العقاب }، { قد أفلح المؤمنون }. { الحمد لله رب العالمين }.
ب- سكون لازم: وهو أن يأتي بعد الحرف المد سكون لازم وصلاً ووقفاً في كلمة واحدة، ومقدار مده ست حركات. وهو نوعان:
1- كلمي: وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف ساكن في كلمة، فإن أدغم (أي كان الحرف الذي بعد المد مشدداً) فيسمى مثقلاً. نحو: { ولا الضآلّين }، { الحآقّة }، { دابّة }. ويلحق به مد الفرق، وهو عندما تدخل همزة الاستفهام على اسم معرف ب : "ال" التعريف، تبدل ألف "ال" التعريف، ألفاً مدية ليفرق بين الاستفهام والخبر. ومثاله: { آلذَّكرين }، { قل ءآللهُ أذِنَ لكم }، { ءآللهُ خيرٌ أمّا تشركون } وإن لم يدغم (أي إن كان الحرف الذي بعد المد ساكناً غير مشدَّد) فيسمى مخففاً. ومثاله: { آلآن وقد }.
2-الحرفي: يوجد في فواتح بعض السور، في الحرف الذي هجاؤه ثلاث أحرف أوسطها حرف مد والثالث ساكن. وحروفه مجموعة في: {بل كم نَقص} فإن أدغم سمي مثقلاً. مثاله: { آلم }، { المر }، { طسم }. وإن لم يدغم سمي مخففاً. مثاله: { ن والقلم }، { ق والقرآن }، { المص }.
ملاحظة: حرف العين في فواتح السور يجوز أن يمد ست حركات، ويجوز أن يمد أربع حركات لأن الياء فيه ليست مدية بل هي حرف لين.
ب- لواحق المد
1. مد العِوض: ويكون عند الوقف على التنوين المنصوب في آخر الكلمة، فيقرأ ألفاً عوضاً عن التنوين، ويمد مقدار حركتين، وإذا لم يوقف عليه فلا يمد. ومثاله: { أجراً عظيماً }، { عفواً غفوراً }، { إلا قليلاً }. ويشترط في هذا المد أن يكون الحرف المنوّن غير التاء المربوطة والألف المقصورة.
2. مد التمكين: هو ياءان أولاهما مشددة مكسورة والثانية ساكنة، وسمي مد تمكين لأنه يخرج متمكناً بسبب الشدة، ويمد مقدار حركتين. ومثاله: { حُييتم }، { النبيين }.
3. مد اللين: وهو مد حرفي المد: الياء والواو الساكنتان، المفتوح ما قبلها، والساكن ما بعدها سكوناً عارضاً في حالة الوقف. ويمد حركتين أو أربع، أو ست. ومثاله: { قريش } ، { عليه }، { البيت }، { خوف }.
4. مد الصلة وينقسم إلى كبرى وصغرى:
* مد الصلة الكبرى وهو مد هاء الضمير الغائب المفرد المذكر مضمومة أو مكسوره الواقعة بين متحركين (أي أن الحرف الذي قبلها من نفس الكلمة كان متحركاً والحرف الذي بعدها من الكلمة التي تليها كان متحركاً أيضاً) تشبع ضمه الهاء ليتولد عنها واو مدية أو تشبع كسرة الهاء ليتولد عنها ياء مدية، وتمد خمس حركات، ونستطيع أن نقصرها إلى حركتين كالمنفصل، وذلك إذا جاء بعدها همز. ومثاله: { وهو يحاوره أنا }، { وله أجر }، { به أحداً }.
* مد الصلة الصغرى: وهو مد هاء الضمير الغائب المفرد المذكر… وتمد مقدار حركتين إن لم يأتي بعدها همز. ومثاله: { أعّذبه عذاباً }، { قلته فقد علمته }، { بكلمته ويقطع }. ويستثنى منه فلا يمد: { يرضه لكم } [الزمر: 7].
ملاحظة: تقرأ: { فيه مهانا } [الفرقان: 69]بمد صلة على خلاف القياس مع أنها لم تقع بين متحركتين.
تنبيه: إذا اجتمع مدان من جنس واحد حالة القراءة وجب التسوية بينهما.
كان يجتمع المنفصل مع مثله أو مع مد الصلة الكبرى أما المد العارض للسكون أو اللين فلا تجب التسوية لا في العارض مع مثله ولا في اللين مع مثله ولا عند اجتماع العارض واللين. ومثاله:
1. قوله تعالى: { من السمآء مآء }.
2. قوله تعالى: { فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعُه إنآ إذا }.
ملاحظات عامة:
1. أقوى المدود: اللازم، فالمتصل، فالعارض للسكون، فالمنفصل، فالبدل.
2. إذا اجتمع سببان من أسباب المد قوى وضعيف، عمل بالقوى، نحو: { ولا آمّين }: مد بدل ومد لازم، فيعمل باللازم. ونحو: { وجاءوا أباهم }: بدل ومنفصل، فيعمل بالمنفصل.
3. إذا وقع حرف المد في آخر الكلمة وأتى بعده حرف ساكن حذف حرف المد في الوصل نحو: { وقالوا اتخذ }، { لصالوا الجحيم }، { حاضري المسجد الحرام }.
ز- أحكام الراء:
ينبغي الاحتراز عن التكرير في لفظ الراء . وكيفية الاحتراز عن التكرير بأن تلصق ظهر اللسان بأعلى الحنك لصقاً محكماً وتلفظ الراء مرة واحدة. فللراء عند اللفظ بها إحدى حالتين: الترقيق والتفخيم:
التفخيم: هو سِمَن يدخل على صوت الحرف حتى يمتلىء الفم بصداه
حروفه: (خُصّ ضَغْطٍ قِظْ) وتسمى أيضاً حروف الاستعلاء.
تفخم الراء في الحالات التالية:
1. إذا كانت مفتوحة أو مضمومة نحو: {رَبّنا}، {رُزقنا}.
2. إذا كانت ساكنة وقبلها فتح أو ضم (ولا عبرة للسكون الفاصل ) نحو: { خردل }، { القّدْر }، { الأمُورْ }.
3. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر عارض نحو:{ ارْجِعوا إلى أبيكم }، { أمْ أرْتابوا }، { لِمَنْ ارتضى }.
4. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها حرف استعلاء غير مكسور في كلمة واحدة نحو: { مِرْصادا }، { قِرْطاس }، { فِرْقة }.
الترقيق: هو النطق بالحرف نحيفاً غير ممتلىء الفم بصداه.
حروفه: كل حروف الهجاء ما عدا حروف الاستعلاء، وتسمى حروفه أيضاً حروف الاستفال.
ترقق الراء في الحالات التالية:
1. إذا كانت مكسورة نحو { رِزقاً }.
2. إذا كانت ساكنة وقبلها ياء ساكنة نحو: { خيْر }، { قديْر }.
3. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر (ولا عبرة للسكون الفاصل) وليس بعدها حرف استعلاء
غير مكسور نحو: { أنِذرهم }، { فِرْعون }، { مِريْة }، { السِّحْر }.
جواز الترقيق والتفخيم .
1. إذا سكنت الراء في آخر الكلمة وكان الساكن الفاصل بينهما وبين الكسر حرف مفخّم ساكن مثل { مِصْر } { قِطْر }.
2. إذا كانت الراء ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها حرف استعلاء مكسور ففيها الوجهان مثل { فِرْقٍ }.
3. في حالة الوقف على هذه الكلمات: { فأسْرِ }، { أن أسرِ } حيثما وردت في القرآن. وكلمة { يَسْر }. وكلمة { وَنُذْر }.
ملاحظة:
حروف الاستعلاء من حيث قوة التفخيم على الترتيب التالي: الطاء ، فالضاد، فالصاد، فالظاء، فالقاف، فالغين، وفالخاء. وأقوى تفخيماً إذا كان حرف الاستعلاء مفتوحاً، بعده ألف نحو: {طائفة} ثم المفتوح وليس بعده ألف نحو: { طَبَعَ }، ثم المضموم نحو: { طُوبَا }، ثم المكسور نحو: { طِبتُم }.
ح - صفات الحروف:
تعريف الصفة: ما قام بالحرف من صفات تميزه عن غيره كالجهر والشدة، وغير ذلك من الصفات اللازمة.
وتنقسم إلى قسمين:
الأول: الصفات التي لا ضد لها:
1- الصفير: وهو صوت زائد يصاحب أحرفه الثلاثة، وسميت بالصفير لأنك تسمع لها صوتاً يشبه صفير الطائر. وحروفه ثلاثة: (ص، س، ز).
2- القلقلة: وهو اضطراب المخرج عند النطق بالحرف ساكناً حتى يسمع له نبرة قوية، والسبب في هذا الاضطراب والتحريك شدة حروفها لما فيها من جهر وشدة، وحروفها: (قُطُبُ جَدٍ).
وأعلى مراتب القلقة الطاء، وأوسطها الجيم، وأدناها الباقي. ويجب بيانها في حالة الوقوف أكثر، وخاصة حالة الوقف على الحرف المشدد، نحو: { بالحقِّ }.
أمثلة:
{مريجْ} {يَجْعلون} {بعيدْ} {يَدْعون} {واقْ} {يَقْطعون} {محيطْ} {يَطْمعون} {عذابْ} {لَتُبلون}
3- اللين: وهو إخراج الحرف في لين وعدم كلفة على اللسان نحو: {البيت}، {خوف}. وحروفه الواو والياء المفتوح ما قبلهما.
4- الانحراف: وهو ميلان الحرف في مخرجه حتى يتصل بمخرج غيره، فميلان اللام يكون من طرف اللسان وميلان الراء يكون من ظهره وحروفه: اللام والراء.
5- التكرير: هو ارتعاد رأس اللسان عند النطق بالحرف، وتوصف الراء بالتكرير لقابليتها له إذا كانت مشددة، ثم إن كانت ساكنة. وحرف التكرار هو الراء.
وينبغي تجنب تكرير الراء، بأن يلصق لافظها ظهر اللسان بأعلى الحنك لصقاً محكماً، بحبث تخرج الراء مرة واحدة ولا يرتعد اللسان بها.
6- التفشي: حرفه الوحيد هو الشين.
ومعنى التفشي: انتشار خروج النفس بين اللسان والحنك وانبساطه في الخروج عند النطق بالحرف. ووصفت الشين بهذه الصفة لأنها تنبث وتنتشر في الفم عند النطق بها لرخاوتها.
7- الاستطالة: حرفها الوحيد هو الضاد.
معنى الاستطالة: امتداد الصوت من أول حافة اللسان إلى آخرها.
وعند نطق "ا ض" ينطق اللسان على سقف الحنك تدريجياً من الأمام إلى الخلف، ويتخامد الصوت ويبقى جريانه يسمع متضائلاً مدة أقل من الحركتين بقليل، ويخرج من إحدى حافتي اللسان أو من كلتيهما معاً.
الثاني: الصفات التي لها ضد:
1- الهمس والجهر:
**حروف الهمس عشر تجمعها جملة: فحثَّه شخص سكت.
**وحروف الجهر: باقي الحروف يجمعها: عَظُمَ وَزْن قارىء ذي غضّ جِدّ طَلَب.
معنى الهمس: جريان النّفَس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج.
معنى الجهر: انحباس جريان النّفَس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج.
2-الشدة والرخاوة:
**حروف الشدة: ثمانية تجمعها: أجِدْ قَطٍ بَكَتْ.
**حروف التوسط بين الشدة والرخاوة خمسة يجمعها قولهم: لِنْ عُمر، حروف الرخاوة : باقي الحروف وهي : ح، خ، ذ، ز، ث، س، ش، ا، ص، ض، و، غ، ف، ه، ي.
ومعنى الشدة: انحباس جري الصوت عند النطق بالحرف.
ومعنى الرخاوة: جريان الصوت مع الحرف.
**أما التوسط فلا ينحبس الصوت عند النطق بأحد حروفه كانحباسه في أحرف الشدة ولا هو يجري كجريانه مع أحرف الرخاوة. إذا انحصر صوت الحرف في مخرجه انحصاراً تاماً، فلا يجري جرياناً أصلاً ، سمي شديداً ، فإنك لو وقفت على قولك: " الحج" وجدت صوتك راكداً محصوراً. حتى لو أردت مد صوتك لم يمكنك.
وأما إذا جرى جرياناً تاماً ولم ينحصر أصلاً، فإنه يسمى رخواً كما في " الطش". فإنك لو وقفت عليها وجدت صوت الشين جارياً تمده إن شئت.
وأما إذا لم يتم الانحصار ولا الجري فيكون متوسطاً بين الشدة والرخاوة كما في " الظل" فإنك لو وقفت عليه وجدت الصوت لا يجري مثل جري " الطش " ولا ينحصر مثل انحصار " الحج" بل يخرج على حد الاعتدال بينهما.
3- الاستعلاء والاستفال:
**حروف الاسعلاء سبعة، يجمعها قولهم: خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ.
**حروف الاستفال باقي الحروف، يجمعها قولهم: ثَبَتَ عِزّ مّنْ يُجَوّدْ حَرْفَهُ إذ سَلَّ شَكا.
معنى الاستعلاء: ارتفاع اللسان عند النطق بالحرف إلى الحنك الأعلى.
معنى الاستفال: انحطاط اللسان عند خروج الحرف إلى قاع الفم.
4- الإطباق والانفتاح:
حروف الإطباق: ص، ض، ط، ظ.
حرف الانفتاح: باقي الحروف.
معنى الإطباق: هو إلصاق اللسان بالحنك الأعلى عند النطق بالحرف.
معنى الانفتاح: هو افتراق اللسان عن الحنك الأعلى، وعدم التصاقه به حال النطق بالحرف.
5-الإذلاق والإصمات:
حروف الإذلاق: ستة مجموعة في قولهم: فر من لب.
حروف الإصمات: باقي حروف الهجاء.
وسميت حروف الذلاقة لسرعة النطق بها وخروجها من طرف اللسان.
وسميت حروف الإصمات بهذا لامتناع انفراد هذه الحروف أصولاً في الكلمات الرباعية أو الخماسية، فلا بد من وجود حرف أو أكثر من حروف الإذلاق في الكلمات الرباعية أو الخماسية، فإن أنت لم تجد في كلمة رباعية الأصل أو خماسية حرف إذلاق فاحكم بأنها كلمة غير عربية.
ملاحظة: الصفات المتقدمة منها قوي ومنها ضعيف.
1-الصفات القوية: وهي: الجهر، والشدة، والاستعلاء، والاطباق، والاصمات، والصفير ، والقلقلة، والتكرير، والانحراف، والتفشي، والاستطالة.
2-الصفات الضعيفة: وهي: الهمس، والرخاوة، والاستفال،والانفتاح ،والاذلاق، واللين.
ط-أحكام متفرقة:
1-الروم: هو إضعاف الصوت بالحركة ( الضمة أو الكسرة) حتى يذهب معظم صوتها، فيسمع لها صوت خفي يسمعه القريب المصغي دون البعيد، لأنها غير تامة.
2-الاشمام: هو ضم الشفتين بُعَيْدَ الإسكان إشارة إلى الضم مع بعض انفراج بينهما ليخرج منه النفس، ولا يدرك لغير البصير. لأنه يسمع ولا يرى.
وتشم النون في قوله تعالى: { يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ } [يوسف: 11] إشعارا بحذف حركة النون الأولى: تأمننا.
3- السّكتات:
السكت هو قطع الصوت عند القراءة بدون تنفس مقدار حركتين. يجب السكت في أربعة مواضع على قراءة حفص:
1. قوله تعالى: { وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا…} [الكهف: 1-2].
2. قوله تعالى: { قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ } [يس: 52].
3. قوله تعالى: { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } [القيامة :27].
4. قوله تعالى: { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [المطففين: 14].
5. وجاز في { ما أغنى عني ماليه * هلك } الوجهان السكت والإدغام.
الجزء الحادي عشر
أحكام التجويد والترتيل
أحكام تجويد القرآن
أ-التجويد: غايته وحكمه وطرق تلقيه ومراتبه
- علم التجويد: علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية. وتجويد الحروف هو الإتيان بها جيدة اللفظ تطابق أجود نطق لها وهو نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وترتيل القرآن هو معنى قوله تعالى: { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }(المزمل: من الآية4)، بمعنى اقرأه بحق قراءته وذلك بإتيان حروفه ومخارجها على الوجه الأكمل. والترتيل والتجويد هما كلمتان تعطيان نفس المعنى.
- غاية علم التجويد: بلوغ الإتقان في تلاوة القرآن. أو هو: صون اللسان عن اللحن في تلاوة القرآن.
-حقيقة علم التجويد: إعطاء كل حرف حقه ومستحقه في النطق، وإتقان الحروف وتحسينها وخلوها من الزيادة والنقص والرداءة.
-حكم تعلّم التجويد: فرض كفاية على المسلمين ، إذا قام به البعض سقط عن الكل.
-حكم العمل به: فرض عين على كل مسلم ومسلمة من المكلفين عند تلاوة القرآن.
-طريقة أخذ علم التجويد على نوعين :
1. أن يسمع الآخذ من الشيخ، وهي طريقة المتقدمين.
2. أن يقرأ الآخذ في حضرة الشيخ وهو يسمع له ويصحح.
والأفضل الجمع بين الطريقتين.
مراتب القراءة الصحيحة:
1- التحقيق: لغة: هو المبالغة في الإتيان بالشيء على حقيقته من غير زيادة فيه ولا نقص عنه، فهو بلوغ حقيقة الشيء والوقوف على كنهه، والوصول إلى نهاية شأنه.
واصطلاحا: إعطاء الحروف حقها من إشباع المد وتحقيق الهمز وإتمام الحركات وتوفية الغنات وتفكيك الحروف وهو بيانها، وإخراج بعضها من بعض بالسكت والتؤدة، والوقف على الوقوف الجائزة والإتيان بالإظهار والإدغام على وجهه.
2- الحدر: لغة: مصدر من حَدَرَ يُحدر إذا أسرع، أو هو من الحدر الذي هو الهبوط، لأن الإسراع من لازمه.
واصطلاحا: إدراج القراءة وسرعتها مع مراعاة أحكام التجويد من إظهار وإدغام وقصر ومد، ومخارج وصفات.
3- التدوير: فهو عبارة عن التوسط بين مرتبتي التحقيق والحدر
4-الترتيل: لغة: مصدر من رتل فلان كلامه، إذا أتبع بعضه بعضا على مكث وتفهم من غير عجله.
واصطلاحا:هو قراءة القرآن بتمهل وتؤدة واطمئنان وإعطاء كل حرف حقه من المخارج والصفات والمدود.
ب- حكم الميم والنون المشدّدتين
1. عند لفظ ميم مشددة ينبغي إظهار الغنة (الغنة : صوت خفيف يخرج من الأنف لا عمل للسان به ) مقدار حركتين (الحركة : هي الوحدة القياسية لتقدير زمن المد والغنة، أو مقدار طيّ اليد وفتحها ) مثل: أمّا، ثمَّ ، عمّ ، أمّن.
2. عند لفظ نون مشددة ينبغي إظهار الغنة مقدار حركتين مثل: إنّ، إنّا، { من الجِنَّة والنّاس }.
ج- أحكام النون الساكنة والتنوين
1- الإظهار الحلقي:
-الإظهار: هو إخراج الحرف الساكن من مخرجه من غير وقف ولا سكت ولا تشديد.
-حروفه: الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء، وهي مجموعة في أوائل الكلمات التالية: ( أخي هاك علماً حازهُ غير خاسر ). وتسمى هذه الحروف حروف الحلق، لأن مخرجها هو الحلق، ولذا سمي الحكم: الإظهار الحلقي.
طريقة النطق: نظهر النون الساكنة أو التنوين قبل (الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء).
مثاله :
1- ن+ أ : { مِنْ آيَاتِنَا }، { مَنْ أَرَادَ }، { مَرَّةً أُخْرَى }، { مِلْحٌ أُجَاجٌ }.
2- ن + ه: { عَنْهُمْ }، { مِنْهُمْ }، { إِنْ هُمْ }.
3- ن + ع: { إنْ عُدْنا }، { أنْعَمْتَ }، { يومٌ عَسيرٌ }، { إثْماً عَظيماً }.
4- ن + ح: { منْ حَوْلِهِمْ } ، { شَيءٌ حَفيظٌ } ، { أُسْوَةٌ حَسَنَة }.
5- ن + غ: { مِنْ غَيْرِ }، { عملٌ غَيْر صالِح }، { منْ عذابٍ غَليظ }.
6- ن + خ: { مَنْ خَلَقَ }، { كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ }.
2- الإدغام:
هو دمج النون الساكنة أو التنوين بحرف من حروف الإدغام بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدداً، هو حرف الإدغام. حروف إدغام النون ستة: تجمعها كلمة (يرملون).
ينقسم الإدغام إلى قسمين :
**القسم الأول: الإدغام بغنة: يكون عند التقاء النون الساكنة أو التنوين عند أحرف كلمة : ( ينمو).
كيفيته: أن تدغم النون فلا تقرأ، بل يشدد الحرف الذي يليها، وتظهر الغنة على هذا الحرف المشدد مقدار حركتين . مثاله:
1. ن + ي: { إِنْ يَرَوْا } ، { فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ } وتقرآن: " أيّروا " ، " فِئَتينْصرونه ".
2. ن + و: { مِنْ وَالٍ }، { إِيمَانًا وَهُمْ } وتقرآن: " مِوَّال "،" إيمانَوَّهم".
3. ن + م: { مِنْ مَاءٍ }، { صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } وتقرآن: " مِمَّاء " ، " صراطمّسْقيماً ".
4. ن + ن: { إِنْ نَحْنُ }، { مَلِكًا نُقَاتِلْ } وتقرآن: " إنَّحن"، "مَلِكنُّقاتل".
ملاحظة: إذا وقع حرف الإدغام بعد النون الساكنة في كلمة واحدة، فلا يصح الإدغام، بل يجب إظهار النون الساكنة وقد وقع ذلك في القرآن بأربع كلمات هي: { دُنْيا }، { قنْوان } ، { بُنْيان }، { صِنْوان }.
ملاحظة: في موضعين من القرآن الكريم تظهر النون الساكنة عند الواو ولا تدغم بها وهما: { يس والقُرآنِ الحَكيم } تقرأ: "ياسين والقرآن الحكيم". { ن والقلم } تقرأ: "نونْ والقلم".
**القسم الثاني: الإدغام بلا غنة: يكون عندما تقع النون الساكنة أو التنوين قبل حرف اللام والراء مثاله:
1. 1. ن+ ل: { أَنْ لَوْ } فتقرأ : " الّو " { أنْداداً لِّيُضِلُّوا } فتقرأ: " أندادَ لِّيضلوا ".
2. 2. ن + ر: { مِنْ رَب } فتقرأ : " مِرَّب ". { بشرا رسولاً } فتقرأ: " بَشَرَ رَّسولاً ".
3- الإقلاب: هو قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً قبل الباء مع مراعاة الغنة.
حرفه: الباء
كيفيته: عند ورود نون ساكنة أو تنوين وبعد هما باء، سواء في كلمة واحدة أو كلمتين، تقرأ النون ميماً، يبقى صوت الغنة على الميم مقدار حركتين.
مثاله:
1. { من بعد } تقرأ : " مِمْبَعد ".
2. { بسلطان مبين }: تقرأ: " بسلطنمبين ".
3. { سميعٌ بصير }: تقرأ: " سميعمبصير ".
4. { سحر مبين }: " تقرأ: " سحرمبين ".
5. { لينبذن }: تقرأ: " ليمبَذنّ ".
6. { أنبآء }: تقرأ: " أمباء ".
4- الإخفاء: هو حالة بين الإظهار و الإدغام عار عن التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول.
حروفه: سائر حروف الهجاء عدا حروف الإظهار، والإدغام، وحرف الإقلاب وهي مجموعة في أوائل البيت التالي:
صِفْ ذَا ثَنَاكَمْ جَاء شخصٌ قد سَمَا دمٌ طيباً زدْ في تقىً ضعْ ظالماً.
كيفيته: عند ورود حرف الإخفاء بعد النون الساكنة أو التنوين تلفظ النون مسموعة من الأنف ولا تشدد، ولا يشدد حرف الإخفاء الذي يليها .
ويكون الإخفاء في كلمة أو كلمتين مثاله:
1. ص: { انْصُرْنا }، { ولمن صَبَرَ }، { بريح صَرْصَر }، { ونخيلٌ صِنوان }.
2. ذ: { منذ }، { من ذا }، { وكيلاً ذريةً }، { ظل ذي }.
3. ث: { الأنثى }، { أن ثبتناك }، { شهيداً ثم }، { نطفةٍ ثم }.
4. ك: { فانكحوا }، { وإنْ كانت }، { علواً كبيراً }، { شيءٍ كذلك }.
5. ج: { أنجيناه }، { من جاء }، { رُطباً جنياً }، { فصبرٌ جميل }.
6. ش: { أنشره }، { ممن شهد }، { جباراً شقياً }، { ركنٍ شديد }.
7. ق: { تنقمون }، { من قبل }، { رزقاً قالوا }، { عذابٌ قريب }.
8. س: { الإنسان }، { ولئن سألتهم }، { قولاً سديداً }، { فوجٌ سألهم }.
9. د: { أنداداً }، { وما من دابة }، { كأساً دهاقاً }، { يومئذ دُبُره }.
10.ط: { انطلقوا }، { من طبيات }، { حلالاً طيباً }، { كلمة طيبة }.
11.ز: { أنزل }، { فإن زللتم }، { نفساً زكية }، { يومئذ رزقاً }.
12.ف: { ينفقون }، { فان فاؤوا }، { عاقراً فهب }، { لاتيةٌ فاصفح }.
13.ت: { أنت }، { وان تصبروا }، { حلية تلبسونها }، { يومئذ تُعرضون }.
14.ض: { منضود }، { ومن ضل }، { قوماً ضالين }، { قوةٍ ضعفاً }.
15.ظ: {انظروا}، {من ظهير}، {ظلاً ظليلاً}، {سحابٌ ظلمات}.
ملاحظتان:
1 -عند إجراء عملية الإخفاء نحاول أن نُخرج الإخفاء من مخرج الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين. ومعرفة مخرج الحرف تكون بوضع الهمزة قبل هذا الحرف وتسكين الحرف. مثال: أصْ، أذْ، أثْ، أكْ، أجْ، أشْ ، أقْ ، أسْ ، أدْ، أطْ، أزْ، أفْ، أتْ، أضْ، أظْ.
2- يأخذ الإخفاء صفة الحرف الذي يلي النون الساكنة، يعني هذا أن الإخفاء يكون مفخما إذا كان الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين مفخماً. مثاله: { من طيبات }.
وإذا كان الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين مرققاً، فعندئذ يكون الإخفاء مرققا. مثاله: { من ذا الذي }.
د- أحكام الميم الساكنة.
1- الإخفاء الشفوي: هو أن تأتي الميم الساكنة في آخر الكلمة، ويأتي بعدها حرف الباء، فعندئذ تخفى الميم الساكنة بالباء مع بقاء الغنة. ومثاله: { وهمْ بالآخرة }، { ترميهمْ بحجارة }، { أنتمْ به }.
2-الإدغام الشفوي: هو أن تأتي آخر الكلمة ميم ساكنة وتأتي بعدها ميما متحركة، فعندئذ تدغم الميم الساكنة بالمتحركة لتصبحا ميما واحدة مشددة تظهر عليها الغنة. ومثاله: { في قلوبهم مرض } تقرأ: " في قلوبهمّرض.". { جاءكم من }، تقرأ: " جاءكمِّن" .. { أزواجهم مثل } تقرأ: " أزواجهمّثل."
3-الإظهار الشفوي: هو أن يأتي بعد حرف الميم الساكنة حروف الهجاء ما عدا الباء والميم في كلمة واحدة أو في كلمتين. ويكون أشد إظهاراً بعد الواو أو الفاء، لاتحاد مخرج الميم مع الواو، وقرب مخرجها مع الفاء.
مثاله: { ذلكم خير لكم }، { وإن كنتم على }، { ولكم فيها }، { عليهم ولا الضالين }، { عليهم فيها }، { ذلكم حكم }.
ه- الإدغام.
**1-إدغام المتماثلين: إذا التقى حرفان متماثلان أولهما ساكن والثاني متحرك أدغم الأول في الثاني.
مثاله: { ما لكم من }، { من نزّل }، { بل لا }، { ما كانت تعبد }، { اضرب بعصاك }. { اذهب بكتابي }، { يدرككم }، { إذْ ذَهَبَ }.
ملاحظات:
1-يجوز الإدغام والإظهار مع السكت.
والإظهار أرجح في قوله: { مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَه * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه } [الحاقة: 28-29] فتقرأ على الإدغام " ما لِيهّلَكَ " أو تظهر { ماليهْ * هلك } ويوقف على الهاء الأولى وقفة خفيفة من غير قطع نفس.
2-إذا كان الحرف الأول واواً أو ياءً وبعدهما مثلهما متحركان فلا إدغام فيهما.
مثاله: { آمنوا وعملوا }، { الذي يوسوس }.
3-وأما إذا كان الأول حرف لين، فيدغم في المماثل.
مثاله: { والذين آووا ونصروا } فتقرأ: "آوَوّ نصروا".
**2- إدغام المتجانسين: ويكون عندما يتفق الحرفان مخرجا (المخرج : هو محل خروج الحرف عند النطق به .)، ويختلفان صفة، ويكون في الأحرف التالية:
أ- التاء الساكنة: تدغم التاء الساكنة- بلا غنة- في موضعين: إذا جاء بعدها دال أو طاء.
1. ت+ د { أثقلت دعوا } تقرأ: " أثقلَدَّعَوا." { أجيبتْ دعوتكما } تقرأ: " أُجيبَدَّعوتكما"
2. ت+ ط: { همت طائفتان } تقرأ: هَمّطَّائفتان". { قالت طائفة } تقرأ: قالَطَّائفة".
ب- الدال الساكنة: تدغم الدال الساكنة -بلا غنة - إذا جاء بعدها تاء. ومثاله:
1- د+ ت: { قدْ تَبَين } تقرأ: " قَتَّبين" . و{ ومَهّدْتُ } تقرأ: " ومَهّتّ. { لقد كِدْت } تقرأ: " لقدْكِتَّ "
ج- الباء الساكنة: تدغم الباء الساكنة في الميم بعدها مع مراعاة الغنة في مكان واحد في القرآن هو: { يا بني اركبْ معنا } [ هو: 42 ] تقرأ: " اركمّعنا ".
د- الذال الساكنة: تدغم الذال الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها حرف الظاء. ومثاله:
1- ذ + ظ: { إذ ظلمتم } تقرأ " إظَّلَمْتم ".
هـ الثاء الساكنة: تدغم الثاء الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها حرف الذال. ومثاله:
ث + ذ: { يلهثْ ذلك } تقرأ: " يلهّذَّلك ".
و- الطاء الساكنة: تدغم الطاء الساكنة - بلا غنة - إذا جاء بعدها تاء. ومثاله:
ط+ ت: { أحطّت } تقرأ: " أحَتُّ ". { بسطت }. تقرأ: " بسَتّ " { فرطتم } تقرأ: " فرَتّم ".
ملاحظة: تبقى في هذه الحالة صفة التفخيم للطاء المدغمة ومن أجل ذلك يسمى إدغاماً ناقصاً.
**3- إدغام المتقاربين: إذا تقارب الحرفان مخرجاً وصفة، وكان الأول منهما ساكناً، وجب إدغامه في الثاني - بلا غنة - وذلك في حالتين:
1. اللام في الراء: مثل: { قلْ رب } تقرأ: " قُرَّب "
2. القاف مع الكاف: مثل: { المْ نخلقْكُم } تقرأ: " نَخْلُكّمْ ". يجوز في هذه الحالة إبقاء صفة تفخيم القاف فيكون الإدغام ناقصاً أو حذف هذه الصفة ويكون الإدغام كاملاً.
وتظهر جميع الأحرف الساكنة التي لم ترد لها أحكام خاصة عند بعضها البعض، وينبغي الانتباه إلى إظهار ما يلي:
1. الضاد الساكنة عند الطاء في نحو: { فمن اضطر }.
2. الضاد الساكنة عند التاء في نحو: { فإذا أفضتم }.
3. الظاء الساكنة عند التاء في نحو: { سواءٌ علينا أوَعظت }.
4. الدال الساكنة عند الكاف، نحو: { لقدْ كدت }.
حكم لام التعريف: للام التعريف الداخلة على الأسماء حكمان أولهما وجب الإظهار قبل الأحرف القمرية المجموعة في قولهم: "ابغِ حجك وخف عقيمه" والثاني وجوب الإدغام قبل الأحرف الشمسية والتي هي في أوائل كلمات هذا البيت:
طب ثم صل رحماً تفز صف ذا نعم دع سوء ظن زر شريفاً للكرم
و- المدود
المد: هو إطالة زمن جريان الصوت بحرف المد. وحروف المد ثلاثة:
الألف الساكنة المفتوح ما قبلها:َ ا.
الواو الساكنة المضموم ما قبلها: ُ و.
الياء الساكنة المكسور ما قبلها: ِ ي.
وهذه الحروف الثلاثة متضمنة في كلمة واحدة هي:
نوحيها.
أ - أقسام المد:
1- المد الطبيعي أو الأصلي: هو ما لا تقوم ذات الحرف إلا به، ولا يتوقف على سبب همز
بعده أو سكون، مثاله: نوحيها. ومقدار مده حركتان، ولا يجوز الزيادة أو النقصان عن الحركتين.
2- المد الفرعي: هو ما زاد على المد الأصلي، ويكون بسبب اجتماع حرف المد بهمز بعده أو سكون.
فالهمز والسكون سببان للمد الفرعي، فعليه يكون المد الفرعي نوعان: مد بسبب الهمز، ومد بسبب السكون.
1- المد بسبب الهمز:
أ- إن كان الهمز قبل حرف المد فيسمى مد البدل: وسمي بدلاً لأن حرف المد فيه بُدل من الهمزة الساكنة.
مثاله: { ءامنوا }، { أيماناً }، { أُوتوا }.
ب- إن كان الهمز بعد حرف المد: فهو نوعان:
المد المتصل: هو أن يأتي حرف المد والهمز بعده في كلمة واحدة ويسمى المد الواجب المتصل. ويمد خمس حركات.
مثاله: { إذا جآءَ نصر الله والفتح }، { وأحاطت به خطيئته }، { سُوءَ العذاب }.
المد المنفصل: هو أن يأتي حرف المد في آخر كلمة، والهمز بعده في كلمة أخرى تليها، ويسمى المد الجائز. ويمد خمس حركات، ونستطيع أن نقصره إلى حركتين.
مثاله: { يا أيها }، { الذي أنزل }، { توبوآ إلى الله }.
ملاحظة: يمنع مد الألف في كلمة ( أنا ) حيثما وجد إلا في حالة الوقف، نحو: { قال أنا أحي وأميت }، { وأنا أعلم }.
2- المد بسبب السكون: وهو نوعان:
أ- سكون عارض: وهو أن يكون الحرف قبل الأخير من الكلمة حرف مد، والحرف الأخير متحرك، فإن درجنا الكلام ووصلنا الكلمة بما بعدها كان المد طبيعياً، وإن وقفنا على الحرف الأخير بالسكون صار المد الذي قبل الحرف الأخير مداً بسبب السكون العارض ويسمى: مداً عارضاً للسكون. يمد ست حركات، أو أربع، أو حركتان .
مثاله: { إن الله شديد العقاب }، { قد أفلح المؤمنون }. { الحمد لله رب العالمين }.
ب- سكون لازم: وهو أن يأتي بعد الحرف المد سكون لازم وصلاً ووقفاً في كلمة واحدة، ومقدار مده ست حركات. وهو نوعان:
1- كلمي: وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف ساكن في كلمة، فإن أدغم (أي كان الحرف الذي بعد المد مشدداً) فيسمى مثقلاً. نحو: { ولا الضآلّين }، { الحآقّة }، { دابّة }. ويلحق به مد الفرق، وهو عندما تدخل همزة الاستفهام على اسم معرف ب : "ال" التعريف، تبدل ألف "ال" التعريف، ألفاً مدية ليفرق بين الاستفهام والخبر. ومثاله: { آلذَّكرين }، { قل ءآللهُ أذِنَ لكم }، { ءآللهُ خيرٌ أمّا تشركون } وإن لم يدغم (أي إن كان الحرف الذي بعد المد ساكناً غير مشدَّد) فيسمى مخففاً. ومثاله: { آلآن وقد }.
2-الحرفي: يوجد في فواتح بعض السور، في الحرف الذي هجاؤه ثلاث أحرف أوسطها حرف مد والثالث ساكن. وحروفه مجموعة في: {بل كم نَقص} فإن أدغم سمي مثقلاً. مثاله: { آلم }، { المر }، { طسم }. وإن لم يدغم سمي مخففاً. مثاله: { ن والقلم }، { ق والقرآن }، { المص }.
ملاحظة: حرف العين في فواتح السور يجوز أن يمد ست حركات، ويجوز أن يمد أربع حركات لأن الياء فيه ليست مدية بل هي حرف لين.
ب- لواحق المد
1. مد العِوض: ويكون عند الوقف على التنوين المنصوب في آخر الكلمة، فيقرأ ألفاً عوضاً عن التنوين، ويمد مقدار حركتين، وإذا لم يوقف عليه فلا يمد. ومثاله: { أجراً عظيماً }، { عفواً غفوراً }، { إلا قليلاً }. ويشترط في هذا المد أن يكون الحرف المنوّن غير التاء المربوطة والألف المقصورة.
2. مد التمكين: هو ياءان أولاهما مشددة مكسورة والثانية ساكنة، وسمي مد تمكين لأنه يخرج متمكناً بسبب الشدة، ويمد مقدار حركتين. ومثاله: { حُييتم }، { النبيين }.
3. مد اللين: وهو مد حرفي المد: الياء والواو الساكنتان، المفتوح ما قبلها، والساكن ما بعدها سكوناً عارضاً في حالة الوقف. ويمد حركتين أو أربع، أو ست. ومثاله: { قريش } ، { عليه }، { البيت }، { خوف }.
4. مد الصلة وينقسم إلى كبرى وصغرى:
* مد الصلة الكبرى وهو مد هاء الضمير الغائب المفرد المذكر مضمومة أو مكسوره الواقعة بين متحركين (أي أن الحرف الذي قبلها من نفس الكلمة كان متحركاً والحرف الذي بعدها من الكلمة التي تليها كان متحركاً أيضاً) تشبع ضمه الهاء ليتولد عنها واو مدية أو تشبع كسرة الهاء ليتولد عنها ياء مدية، وتمد خمس حركات، ونستطيع أن نقصرها إلى حركتين كالمنفصل، وذلك إذا جاء بعدها همز. ومثاله: { وهو يحاوره أنا }، { وله أجر }، { به أحداً }.
* مد الصلة الصغرى: وهو مد هاء الضمير الغائب المفرد المذكر… وتمد مقدار حركتين إن لم يأتي بعدها همز. ومثاله: { أعّذبه عذاباً }، { قلته فقد علمته }، { بكلمته ويقطع }. ويستثنى منه فلا يمد: { يرضه لكم } [الزمر: 7].
ملاحظة: تقرأ: { فيه مهانا } [الفرقان: 69]بمد صلة على خلاف القياس مع أنها لم تقع بين متحركتين.
تنبيه: إذا اجتمع مدان من جنس واحد حالة القراءة وجب التسوية بينهما.
كان يجتمع المنفصل مع مثله أو مع مد الصلة الكبرى أما المد العارض للسكون أو اللين فلا تجب التسوية لا في العارض مع مثله ولا في اللين مع مثله ولا عند اجتماع العارض واللين. ومثاله:
1. قوله تعالى: { من السمآء مآء }.
2. قوله تعالى: { فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعُه إنآ إذا }.
ملاحظات عامة:
1. أقوى المدود: اللازم، فالمتصل، فالعارض للسكون، فالمنفصل، فالبدل.
2. إذا اجتمع سببان من أسباب المد قوى وضعيف، عمل بالقوى، نحو: { ولا آمّين }: مد بدل ومد لازم، فيعمل باللازم. ونحو: { وجاءوا أباهم }: بدل ومنفصل، فيعمل بالمنفصل.
3. إذا وقع حرف المد في آخر الكلمة وأتى بعده حرف ساكن حذف حرف المد في الوصل نحو: { وقالوا اتخذ }، { لصالوا الجحيم }، { حاضري المسجد الحرام }.
ز- أحكام الراء:
ينبغي الاحتراز عن التكرير في لفظ الراء . وكيفية الاحتراز عن التكرير بأن تلصق ظهر اللسان بأعلى الحنك لصقاً محكماً وتلفظ الراء مرة واحدة. فللراء عند اللفظ بها إحدى حالتين: الترقيق والتفخيم:
التفخيم: هو سِمَن يدخل على صوت الحرف حتى يمتلىء الفم بصداه
حروفه: (خُصّ ضَغْطٍ قِظْ) وتسمى أيضاً حروف الاستعلاء.
تفخم الراء في الحالات التالية:
1. إذا كانت مفتوحة أو مضمومة نحو: {رَبّنا}، {رُزقنا}.
2. إذا كانت ساكنة وقبلها فتح أو ضم (ولا عبرة للسكون الفاصل ) نحو: { خردل }، { القّدْر }، { الأمُورْ }.
3. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر عارض نحو:{ ارْجِعوا إلى أبيكم }، { أمْ أرْتابوا }، { لِمَنْ ارتضى }.
4. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها حرف استعلاء غير مكسور في كلمة واحدة نحو: { مِرْصادا }، { قِرْطاس }، { فِرْقة }.
الترقيق: هو النطق بالحرف نحيفاً غير ممتلىء الفم بصداه.
حروفه: كل حروف الهجاء ما عدا حروف الاستعلاء، وتسمى حروفه أيضاً حروف الاستفال.
ترقق الراء في الحالات التالية:
1. إذا كانت مكسورة نحو { رِزقاً }.
2. إذا كانت ساكنة وقبلها ياء ساكنة نحو: { خيْر }، { قديْر }.
3. إذا كانت ساكنة وقبلها كسر (ولا عبرة للسكون الفاصل) وليس بعدها حرف استعلاء
غير مكسور نحو: { أنِذرهم }، { فِرْعون }، { مِريْة }، { السِّحْر }.
جواز الترقيق والتفخيم .
1. إذا سكنت الراء في آخر الكلمة وكان الساكن الفاصل بينهما وبين الكسر حرف مفخّم ساكن مثل { مِصْر } { قِطْر }.
2. إذا كانت الراء ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها حرف استعلاء مكسور ففيها الوجهان مثل { فِرْقٍ }.
3. في حالة الوقف على هذه الكلمات: { فأسْرِ }، { أن أسرِ } حيثما وردت في القرآن. وكلمة { يَسْر }. وكلمة { وَنُذْر }.
ملاحظة:
حروف الاستعلاء من حيث قوة التفخيم على الترتيب التالي: الطاء ، فالضاد، فالصاد، فالظاء، فالقاف، فالغين، وفالخاء. وأقوى تفخيماً إذا كان حرف الاستعلاء مفتوحاً، بعده ألف نحو: {طائفة} ثم المفتوح وليس بعده ألف نحو: { طَبَعَ }، ثم المضموم نحو: { طُوبَا }، ثم المكسور نحو: { طِبتُم }.
ح - صفات الحروف:
تعريف الصفة: ما قام بالحرف من صفات تميزه عن غيره كالجهر والشدة، وغير ذلك من الصفات اللازمة.
وتنقسم إلى قسمين:
الأول: الصفات التي لا ضد لها:
1- الصفير: وهو صوت زائد يصاحب أحرفه الثلاثة، وسميت بالصفير لأنك تسمع لها صوتاً يشبه صفير الطائر. وحروفه ثلاثة: (ص، س، ز).
2- القلقلة: وهو اضطراب المخرج عند النطق بالحرف ساكناً حتى يسمع له نبرة قوية، والسبب في هذا الاضطراب والتحريك شدة حروفها لما فيها من جهر وشدة، وحروفها: (قُطُبُ جَدٍ).
وأعلى مراتب القلقة الطاء، وأوسطها الجيم، وأدناها الباقي. ويجب بيانها في حالة الوقوف أكثر، وخاصة حالة الوقف على الحرف المشدد، نحو: { بالحقِّ }.
أمثلة:
{مريجْ} {يَجْعلون} {بعيدْ} {يَدْعون} {واقْ} {يَقْطعون} {محيطْ} {يَطْمعون} {عذابْ} {لَتُبلون}
3- اللين: وهو إخراج الحرف في لين وعدم كلفة على اللسان نحو: {البيت}، {خوف}. وحروفه الواو والياء المفتوح ما قبلهما.
4- الانحراف: وهو ميلان الحرف في مخرجه حتى يتصل بمخرج غيره، فميلان اللام يكون من طرف اللسان وميلان الراء يكون من ظهره وحروفه: اللام والراء.
5- التكرير: هو ارتعاد رأس اللسان عند النطق بالحرف، وتوصف الراء بالتكرير لقابليتها له إذا كانت مشددة، ثم إن كانت ساكنة. وحرف التكرار هو الراء.
وينبغي تجنب تكرير الراء، بأن يلصق لافظها ظهر اللسان بأعلى الحنك لصقاً محكماً، بحبث تخرج الراء مرة واحدة ولا يرتعد اللسان بها.
6- التفشي: حرفه الوحيد هو الشين.
ومعنى التفشي: انتشار خروج النفس بين اللسان والحنك وانبساطه في الخروج عند النطق بالحرف. ووصفت الشين بهذه الصفة لأنها تنبث وتنتشر في الفم عند النطق بها لرخاوتها.
7- الاستطالة: حرفها الوحيد هو الضاد.
معنى الاستطالة: امتداد الصوت من أول حافة اللسان إلى آخرها.
وعند نطق "ا ض" ينطق اللسان على سقف الحنك تدريجياً من الأمام إلى الخلف، ويتخامد الصوت ويبقى جريانه يسمع متضائلاً مدة أقل من الحركتين بقليل، ويخرج من إحدى حافتي اللسان أو من كلتيهما معاً.
الثاني: الصفات التي لها ضد:
1- الهمس والجهر:
**حروف الهمس عشر تجمعها جملة: فحثَّه شخص سكت.
**وحروف الجهر: باقي الحروف يجمعها: عَظُمَ وَزْن قارىء ذي غضّ جِدّ طَلَب.
معنى الهمس: جريان النّفَس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج.
معنى الجهر: انحباس جريان النّفَس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج.
2-الشدة والرخاوة:
**حروف الشدة: ثمانية تجمعها: أجِدْ قَطٍ بَكَتْ.
**حروف التوسط بين الشدة والرخاوة خمسة يجمعها قولهم: لِنْ عُمر، حروف الرخاوة : باقي الحروف وهي : ح، خ، ذ، ز، ث، س، ش، ا، ص، ض، و، غ، ف، ه، ي.
ومعنى الشدة: انحباس جري الصوت عند النطق بالحرف.
ومعنى الرخاوة: جريان الصوت مع الحرف.
**أما التوسط فلا ينحبس الصوت عند النطق بأحد حروفه كانحباسه في أحرف الشدة ولا هو يجري كجريانه مع أحرف الرخاوة. إذا انحصر صوت الحرف في مخرجه انحصاراً تاماً، فلا يجري جرياناً أصلاً ، سمي شديداً ، فإنك لو وقفت على قولك: " الحج" وجدت صوتك راكداً محصوراً. حتى لو أردت مد صوتك لم يمكنك.
وأما إذا جرى جرياناً تاماً ولم ينحصر أصلاً، فإنه يسمى رخواً كما في " الطش". فإنك لو وقفت عليها وجدت صوت الشين جارياً تمده إن شئت.
وأما إذا لم يتم الانحصار ولا الجري فيكون متوسطاً بين الشدة والرخاوة كما في " الظل" فإنك لو وقفت عليه وجدت الصوت لا يجري مثل جري " الطش " ولا ينحصر مثل انحصار " الحج" بل يخرج على حد الاعتدال بينهما.
3- الاستعلاء والاستفال:
**حروف الاسعلاء سبعة، يجمعها قولهم: خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ.
**حروف الاستفال باقي الحروف، يجمعها قولهم: ثَبَتَ عِزّ مّنْ يُجَوّدْ حَرْفَهُ إذ سَلَّ شَكا.
معنى الاستعلاء: ارتفاع اللسان عند النطق بالحرف إلى الحنك الأعلى.
معنى الاستفال: انحطاط اللسان عند خروج الحرف إلى قاع الفم.
4- الإطباق والانفتاح:
حروف الإطباق: ص، ض، ط، ظ.
حرف الانفتاح: باقي الحروف.
معنى الإطباق: هو إلصاق اللسان بالحنك الأعلى عند النطق بالحرف.
معنى الانفتاح: هو افتراق اللسان عن الحنك الأعلى، وعدم التصاقه به حال النطق بالحرف.
5-الإذلاق والإصمات:
حروف الإذلاق: ستة مجموعة في قولهم: فر من لب.
حروف الإصمات: باقي حروف الهجاء.
وسميت حروف الذلاقة لسرعة النطق بها وخروجها من طرف اللسان.
وسميت حروف الإصمات بهذا لامتناع انفراد هذه الحروف أصولاً في الكلمات الرباعية أو الخماسية، فلا بد من وجود حرف أو أكثر من حروف الإذلاق في الكلمات الرباعية أو الخماسية، فإن أنت لم تجد في كلمة رباعية الأصل أو خماسية حرف إذلاق فاحكم بأنها كلمة غير عربية.
ملاحظة: الصفات المتقدمة منها قوي ومنها ضعيف.
1-الصفات القوية: وهي: الجهر، والشدة، والاستعلاء، والاطباق، والاصمات، والصفير ، والقلقلة، والتكرير، والانحراف، والتفشي، والاستطالة.
2-الصفات الضعيفة: وهي: الهمس، والرخاوة، والاستفال،والانفتاح ،والاذلاق، واللين.
ط-أحكام متفرقة:
1-الروم: هو إضعاف الصوت بالحركة ( الضمة أو الكسرة) حتى يذهب معظم صوتها، فيسمع لها صوت خفي يسمعه القريب المصغي دون البعيد، لأنها غير تامة.
2-الاشمام: هو ضم الشفتين بُعَيْدَ الإسكان إشارة إلى الضم مع بعض انفراج بينهما ليخرج منه النفس، ولا يدرك لغير البصير. لأنه يسمع ولا يرى.
وتشم النون في قوله تعالى: { يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ } [يوسف: 11] إشعارا بحذف حركة النون الأولى: تأمننا.
3- السّكتات:
السكت هو قطع الصوت عند القراءة بدون تنفس مقدار حركتين. يجب السكت في أربعة مواضع على قراءة حفص:
1. قوله تعالى: { وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا…} [الكهف: 1-2].
2. قوله تعالى: { قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ } [يس: 52].
3. قوله تعالى: { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } [القيامة :27].
4. قوله تعالى: { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [المطففين: 14].
5. وجاز في { ما أغنى عني ماليه * هلك } الوجهان السكت والإدغام.
المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الثاني عشر
إعجاز القرآن
أ-الإعجاز: الإعجاز: إثبات العجز، والعجز: ضد القدرة، وهو القصور عن فعل الشيء.
ب-تعريف المعجزة: هي أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة. يظهر على يد مدعي النبوة موافقاً لدعواه.
ج-شروط المعجزة.
1- أن تكون المعجزة خارقة للعادة غير ما اعتاد عليه الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية.
2-أن تكون المعجزة مقرونة بالتحدي للمكذبين أو الشاكين.
3-أن تكون المعجزة سالمة عن المعارضة، فمتى أمكن أن يعارض هذا الأمر ويأتي بمثله، بطل أن تكون معجزة.
د-الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر:
قد يكرم الله تعالى بعض أوليائه من المتقين الأبرار بأمر خارق يجريه له، ويسمى ذلك: الكرامة. وثمة فرق شاسع بين المعجزة والكرامة ، لأن الكرامة لا يدعي صاحبها النبوة، وإنما تظهر على يده لصدقه في إتباع النبي. لأن هؤلاء الأبرار ما كانت تقع لهم هذه الخوارق لولا اعتصامهم بالاتباع الحق للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يبين لنا أن شرط الكرامة للولي صدق الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن ليس من شرطه العصمة ، فان الولي قد يقع في المعصية، أما الأنبياء فقد عصمهم الله تعالى.
أما السحر فهو أبعد شيء عن المعجزة أو الكرامة، وان كان قد يقع فيه غرابة وعجائب، لكنه يفترق عن المعجزة والكرامة من أوجه كثيرة تظهر في شخص الساحر وفي عمل السحر.
فمما يفترق به الساحر عن الولي:
1- ركوب متن الفسق والعصيان.
2-الطاعة للشيطان.
3- التقرب إلى الشياطين بالكفر والجناية والمعاصي.
4-الساحر أكذب الناس وأشدهم شراً.
وأما عمل السحر فقد يكون مستغربا طريفا، لكنه لا يخرج عن طاقة الإنس والجن والحيوان، كالطيران في الهواء مثلا، بل هو أمر مقدور عليه لأنه يترتب على أسباب إذا عرفها أحد وتعاطاها صنع مثلها أو أقوى منها.
لذلك ما أن نواجه السحر بالحقيقة حتى يذهب سدى، { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } [طه: 69].
ومن هنا خضع السحرة لسيدنا موسى عليه السلام، لأنهم وهم أعرف الناس بالسحر، كانوا أكثر الناس يقينا بحقية معجزته، وصدق نبوته، فما وسعهم أمام جلال المعجزة الإلهية إلا أن خروا سجدا وقالوا: { آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى } [ طه: 70].
هـ- تنوع المعجزة وحكمته:
تنقسم المعجزة إلى قسمين:
القسم الأول المعجزات الحسية: مثل: معجزة الإسراء والمعراج ، وإنشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، تكثير الطعام القليل…
القسم الثاني: المعجزات العقلية: مثل الإخبار عن المغيَّبات، والقرآن الكريم. وقد جرت سنة الله تعالى كما قضت حكمته أن يجعل معجزة كل نبي مشاكلة لما يتقن قومه ويتفوقون فيه. ولما كان الغرب قوم بيان ولسان وبلاغة، كانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى هي: القرآن الكريم.
و- تحدي القرآن للعرب وبيان عجزهم.
1. لقد تحدى الله العرب -وهم أهل الفصاحة- بل العالم بالقرآن كله على رؤوس الأشهاد في كل جيل بأن يأتوا بمثله، فقال تعالى:
{ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ } [الطور: 33-34]. وقال تعالى:
{ قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [الإسراء: 88]. فعجزوا عن الإتيان بمثله.
2. ولما كبلهم العجز عن هذا، فلم يفعلوا ما تحداهم، فجاءهم بتخفيف التحدي، فتحداهم بعشر سور، فقال تعالى:
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [هود: 13-14].
3. ثم أرخى لهم حبل التحدي ، ووسع لهم غاية التوسعة فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة، أي سورة ولو من قصار السور، فقال تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [يونس: 38].
ولقد تكلمنا بإسهاب في موضوع الإعجاز وأصنافه وعلومه في مقالات أخرى.
المراجع والمصادر:
1. الإتقان في علوم القرآن-2 جزء-، الشيخ العلامة أبي الفضل جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 هـجرية رحمه الله تعالى، دار الكتب العلمية، ط/1، بيروت – لبنان، 1407هـ، 1987م.
2. الإشارات العلمية في القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق, أ.د. كارم السيد غنيم, دار الفكر العربي, ط/1, القاهرة- مصر, 1415هـ-1995م، بتصرف.
3. إتقان البرهان في علوم القرآن. د . فضل حسن عباس ط: الأولى. مطبعة دار الفرقان بعمان.
4. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة(تأريخه وضوابطه), عبد الله بن عبد العزيز المصلح, ط /1, هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة, 1417هـ.
5. البرهان في علوم القرآن –4 أجزاء-، الإمام العلامة بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي المتوفى سنة 794 هـجرية رحمه الله تعالى، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، دار الجيل، بيروت – لبنان، 1408هـ - 1988م.
6. القرآن منهل العلوم، الدكتور خالد فائق صديق العبيدي، ط/2، دار الكتب العلمية – بيروت.
7. مباحث في علوم القرآن. د . صبحي الصالح: ط : العاشرة . دار العلم للملايين. بيروت
8. مباحث في علوم القرآن. مناع القطان. ط : الحادية عشرة . مطبعة المدني بمصر.
9. علوم القرآن. منشورات جامعة القدس المفتوحة. ط : الأولى 1993 .
10. معجم تفاسير القرآن الكريم، ج/2.
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القران أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)
حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ) . (صحيح مسلم)
صاحب القرآن يرتقى في درجات الجنة بقدر ما معه من الآيات
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقال لصاحب القران اقرأ و ارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ) . (صحيح الجامع8122)
القرآن يقدم صاحبه عند الدفن
حديث جابر رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول : أيهم أكثر أخذاً للقرآن ؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد . (صحيح البخاري)
إكرام حامل القرآن من إجلال الله تعالى
عن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ) . (حسن) (صحيح الجامع 2199)
( إن من إجلال الله ) أي تبجيله وتعظيمه ، ( غير الغالي فيه ) الغلو التشديد ومجاوزة الحد ( والجافي عنه ) أي وغير المتباعد عنه المعرض عن تلاوته وإحكام قراءته ومعرفة معانيه والعمل بما فيه .
صاحب القرآن يلبس حلة الكرامة وتاج الكرامة
حديث أبى هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يجيء صاحب القرآن يوم القيامة ، فيقول : يا رب حله ، فيلبس تاج الكرامة . ثم يقول : يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ، ثم يقول : يا رب ارض عنه ، فيقال اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة ) . (حسن) (صحيح الجامع8030)
القرآن يرفع صاحبه
قال عمر رضي الله عنه : أما إن نبيكمصلى الله عليه وسلم قد قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) . (صحيح مسلم) ( يرفع بهذا الكتاب ) : أي بقراءته والعمل به ( ويضع به ) : أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه .
فضيلة حافظ القرآن
حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ، ريحها طيب وطعمها طيب . ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة ، لا ريح لها وطعمها حلو . ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، ليس لها ريح وطعمها مر ) . (البخاري ومسلم)
فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه
حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام ، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده ، وهو عليه شديد فله أجران ) . (البخاري ومسلم)
حفظ القرآن خير من متاع الدنيا
عن عقبة بن عامر الجهني قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال : ( أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله ولاقطع (قطيعة) رحم ؟ ) قالوا : كلنا يا رسول الله ، قال : ( فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل
الجزء الثاني عشر
إعجاز القرآن
أ-الإعجاز: الإعجاز: إثبات العجز، والعجز: ضد القدرة، وهو القصور عن فعل الشيء.
ب-تعريف المعجزة: هي أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة. يظهر على يد مدعي النبوة موافقاً لدعواه.
ج-شروط المعجزة.
1- أن تكون المعجزة خارقة للعادة غير ما اعتاد عليه الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية.
2-أن تكون المعجزة مقرونة بالتحدي للمكذبين أو الشاكين.
3-أن تكون المعجزة سالمة عن المعارضة، فمتى أمكن أن يعارض هذا الأمر ويأتي بمثله، بطل أن تكون معجزة.
د-الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر:
قد يكرم الله تعالى بعض أوليائه من المتقين الأبرار بأمر خارق يجريه له، ويسمى ذلك: الكرامة. وثمة فرق شاسع بين المعجزة والكرامة ، لأن الكرامة لا يدعي صاحبها النبوة، وإنما تظهر على يده لصدقه في إتباع النبي. لأن هؤلاء الأبرار ما كانت تقع لهم هذه الخوارق لولا اعتصامهم بالاتباع الحق للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يبين لنا أن شرط الكرامة للولي صدق الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن ليس من شرطه العصمة ، فان الولي قد يقع في المعصية، أما الأنبياء فقد عصمهم الله تعالى.
أما السحر فهو أبعد شيء عن المعجزة أو الكرامة، وان كان قد يقع فيه غرابة وعجائب، لكنه يفترق عن المعجزة والكرامة من أوجه كثيرة تظهر في شخص الساحر وفي عمل السحر.
فمما يفترق به الساحر عن الولي:
1- ركوب متن الفسق والعصيان.
2-الطاعة للشيطان.
3- التقرب إلى الشياطين بالكفر والجناية والمعاصي.
4-الساحر أكذب الناس وأشدهم شراً.
وأما عمل السحر فقد يكون مستغربا طريفا، لكنه لا يخرج عن طاقة الإنس والجن والحيوان، كالطيران في الهواء مثلا، بل هو أمر مقدور عليه لأنه يترتب على أسباب إذا عرفها أحد وتعاطاها صنع مثلها أو أقوى منها.
لذلك ما أن نواجه السحر بالحقيقة حتى يذهب سدى، { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } [طه: 69].
ومن هنا خضع السحرة لسيدنا موسى عليه السلام، لأنهم وهم أعرف الناس بالسحر، كانوا أكثر الناس يقينا بحقية معجزته، وصدق نبوته، فما وسعهم أمام جلال المعجزة الإلهية إلا أن خروا سجدا وقالوا: { آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى } [ طه: 70].
هـ- تنوع المعجزة وحكمته:
تنقسم المعجزة إلى قسمين:
القسم الأول المعجزات الحسية: مثل: معجزة الإسراء والمعراج ، وإنشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، تكثير الطعام القليل…
القسم الثاني: المعجزات العقلية: مثل الإخبار عن المغيَّبات، والقرآن الكريم. وقد جرت سنة الله تعالى كما قضت حكمته أن يجعل معجزة كل نبي مشاكلة لما يتقن قومه ويتفوقون فيه. ولما كان الغرب قوم بيان ولسان وبلاغة، كانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى هي: القرآن الكريم.
و- تحدي القرآن للعرب وبيان عجزهم.
1. لقد تحدى الله العرب -وهم أهل الفصاحة- بل العالم بالقرآن كله على رؤوس الأشهاد في كل جيل بأن يأتوا بمثله، فقال تعالى:
{ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ } [الطور: 33-34]. وقال تعالى:
{ قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [الإسراء: 88]. فعجزوا عن الإتيان بمثله.
2. ولما كبلهم العجز عن هذا، فلم يفعلوا ما تحداهم، فجاءهم بتخفيف التحدي، فتحداهم بعشر سور، فقال تعالى:
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [هود: 13-14].
3. ثم أرخى لهم حبل التحدي ، ووسع لهم غاية التوسعة فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة، أي سورة ولو من قصار السور، فقال تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [يونس: 38].
ولقد تكلمنا بإسهاب في موضوع الإعجاز وأصنافه وعلومه في مقالات أخرى.
المراجع والمصادر:
1. الإتقان في علوم القرآن-2 جزء-، الشيخ العلامة أبي الفضل جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 هـجرية رحمه الله تعالى، دار الكتب العلمية، ط/1، بيروت – لبنان، 1407هـ، 1987م.
2. الإشارات العلمية في القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق, أ.د. كارم السيد غنيم, دار الفكر العربي, ط/1, القاهرة- مصر, 1415هـ-1995م، بتصرف.
3. إتقان البرهان في علوم القرآن. د . فضل حسن عباس ط: الأولى. مطبعة دار الفرقان بعمان.
4. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة(تأريخه وضوابطه), عبد الله بن عبد العزيز المصلح, ط /1, هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة, 1417هـ.
5. البرهان في علوم القرآن –4 أجزاء-، الإمام العلامة بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي المتوفى سنة 794 هـجرية رحمه الله تعالى، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، دار الجيل، بيروت – لبنان، 1408هـ - 1988م.
6. القرآن منهل العلوم، الدكتور خالد فائق صديق العبيدي، ط/2، دار الكتب العلمية – بيروت.
7. مباحث في علوم القرآن. د . صبحي الصالح: ط : العاشرة . دار العلم للملايين. بيروت
8. مباحث في علوم القرآن. مناع القطان. ط : الحادية عشرة . مطبعة المدني بمصر.
9. علوم القرآن. منشورات جامعة القدس المفتوحة. ط : الأولى 1993 .
10. معجم تفاسير القرآن الكريم، ج/2.

عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القران أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)
حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ) . (صحيح مسلم)
صاحب القرآن يرتقى في درجات الجنة بقدر ما معه من الآيات
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقال لصاحب القران اقرأ و ارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ) . (صحيح الجامع8122)
القرآن يقدم صاحبه عند الدفن
حديث جابر رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول : أيهم أكثر أخذاً للقرآن ؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد . (صحيح البخاري)
إكرام حامل القرآن من إجلال الله تعالى
عن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ) . (حسن) (صحيح الجامع 2199)
( إن من إجلال الله ) أي تبجيله وتعظيمه ، ( غير الغالي فيه ) الغلو التشديد ومجاوزة الحد ( والجافي عنه ) أي وغير المتباعد عنه المعرض عن تلاوته وإحكام قراءته ومعرفة معانيه والعمل بما فيه .
صاحب القرآن يلبس حلة الكرامة وتاج الكرامة
حديث أبى هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يجيء صاحب القرآن يوم القيامة ، فيقول : يا رب حله ، فيلبس تاج الكرامة . ثم يقول : يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ، ثم يقول : يا رب ارض عنه ، فيقال اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة ) . (حسن) (صحيح الجامع8030)
القرآن يرفع صاحبه
قال عمر رضي الله عنه : أما إن نبيكمصلى الله عليه وسلم قد قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) . (صحيح مسلم) ( يرفع بهذا الكتاب ) : أي بقراءته والعمل به ( ويضع به ) : أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه .
فضيلة حافظ القرآن
حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ، ريحها طيب وطعمها طيب . ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة ، لا ريح لها وطعمها حلو . ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، ليس لها ريح وطعمها مر ) . (البخاري ومسلم)
فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه
حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام ، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده ، وهو عليه شديد فله أجران ) . (البخاري ومسلم)
حفظ القرآن خير من متاع الدنيا
عن عقبة بن عامر الجهني قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال : ( أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله ولاقطع (قطيعة) رحم ؟ ) قالوا : كلنا يا رسول الله ، قال : ( فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل
سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك
المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم 5
الزيارات:
الزيارات:
Unknown | 3:26 م |
كن أول من يعلق!
المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء التاسع
المحكم والمتشابه
المحكم: ما استقل بنفسه، ولم يحتج إلى بيان، لأنه أصل من الأصول، والمتشابه: ما يحتاج في فهمه إلى رده لبعض الأصول. والمتشابه: ما عرف المراد منه، ولو بالتأويل. والمتشابه : ما استأثر الله تعالى بعلمه ، كقيام الساعة ، وخروج الدجال ، والحروف المقطعة في أوائل السور . وهذا قول جمهور أهل السنة، فإنهم يمسكون عن الكلام في هذه الأمور، ويقفون عند الإيمان بأنها من عند الله، والوقوف عند اللفظ، ثم تسليم المعنى، وتفويضه لله، فيقولون: الله أعلم بمراده.
ولقد ورد في القرآن الكريم ثلاث آيات:
إحداها تدل على أن القرآن محكم كله، هي قوله تعالى: ( الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)) سورة هود:آية 1 والقرآن كله بهذا المعنى محكم، أي نظمت آياته نظماً لا يطرأ عليه شيء يخل بفصاحته وبلاغته، وذلك هو الإحكام من جهة اللفظ والصياغة، وهو بعد ذلك محكم كله من جهة المعاني لا يلحقه تناقض، ولا يوصف خبرمنه بكذب، بل كل تشريع فيه منطو على مصلحة وحكمة.
ثانيها تدل على أن القرآن متشابه كله، هي قوله تعالى: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ .... ) سورة الزمر آية ـ 23 ، فالقرآن كله متشابه، في كونه أحسن الحديث، وفي كونه مثاني، مكرر المواعظ والوعد والوعيد، يزداد بتكرار تلاوته حلاوة
ثالثها تدل على أن القرآن بعضه محكم، وبعضه متشابه، هي قوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ.... ) سورة آل عمران ـ من الآية 7 وهذه الآية تدل على أن بعض القرآن محكم، وبعضه متشابه، فهي موضوع البحث، وهي التي خاض فيها العلماء.
من الواضح أن المحكم والمتشابه في هذه الآية متقابلان، وفي المقصود من كل منهما اختلف العلماء، أذكر بعضاً منها:
والعلماء في معرفة المتشابه وعدم معرفته فريقان:
الفريق الأول- وهو المختار عند أهل السنة - فإنهم يمنعون التأويل، ويقفون عند قوله تعالى: ( وما يعلم تأويله إلا الله ) من الآية الكريمة. ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) سورة آل عمران ـ آية 7. ويبتدئون بقوله: ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به ) الخ جملة مستأنفة.
أما الفريق الثاني – وعلى رأسه مجاهد، وابن عباس، وأبو الحسن الأشعري، والمعتزلة، واختاره النووي – فإنهم يفتحون باب التأويل، ويرون أنه يمكن الإطلاع على علمه، ويعطفون ( والراسخون في العلم ) على لفظ الجلالة، ويجعلون جملة ( يقولون ) حالا.
ولكل من الفريقين أدلته التي يعضد بها رأيه. وفي هذا الموضوع يعجبني قول الراغب:
إن جميع المتشابه على ثلاثة أضرب:
1. ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه، كوقت الساعة، وخروج الدابة ونحو ذلك.
2. وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته، كالألفاظ الغريبة، والأحكام الغلقة.
3. وضرب متردد بين الأمرين، يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم، ويخفى على من دونهم، وهو المشار إليه بقوله – صلى الله عليه وسلم – لابن عباس: ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ). ومن هذا التقسيم نعلم أن الوقوف على قوله ( وما يعلم تأويله إلا الله ) ووصله بقوله ( والراسخون في العلم ) جائزان، وأن لكل منهما وجهاً.
أ- تعريف المحكم والمتشابه :
1- تعريف المحكم :
أ- الإحْكام لغة : الإتقان البالغ، ومنه البناء المحكم الذي أتقن، فلا يتطرق إليه الخلل أو الفساد. أما اصطلاحاً فقد اختلف الأصوليون في تعريفه على أقوال منها:
1- أن المحكم ما عرف المراد منه، إما بالظهور أو بالتأويل.
2- أن المحكم لا يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً.
3- أن المحكم هو الواضح الدلالة الذي لا يحتمل النسخ.
4- أن المحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان.
5- أن المحكم هو المتقن الذي لا يتطرق إليه الإشكال.
2-تعريف المتشابه :
أ- لغة : مأخوذ من الشَّبَه، وهو التماثل بين شيئين أو أشياء. ولما كان التماثل بين الأشياء يؤدي إلى الشك والحيرة، ويُوقع في الالتباس، توسعوا في اللفظ، وأطلقوا عليه اسم " المتشابه ".
يقال: اشتبه الأمر عليه، أي التبس عليه.
أما اصطلاحاً فقد اختلف فيه أيضاً على أقوال :
1- ما استأثر الله بعلمه، كقيام الساعة، وخروج الدابة والدجال.
2- ما لم يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان برده إلى غيره.
3- ما احتمل أكثر من وجه.
4- ما كان غير واضح الدلالة ويحتمل النسخ.
ب- القرآن من حيث الإحكام والتشابه يمكن اعتبار القرآن محكماً كله أو متشابهاً كله أو اعتبار بعضه محكماً وبعضه متشابهاً وتفصيله التالي :
1- القرآن كله محكم: بمعنى إحكام ألفاظه وعدم وجود خلل فيه، المراد بإحكامه أيضاً: إتقانه، وعدم تطرق النقص والاختلاف إليه. قال تعالى: { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } [هود: 1].
2- القرآن كله متشابه: بمعنى أن آياته متشابهة في الحق والصدق، والإعجاز، والهداية إلى الخير. قال تعالى: { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ } [الزمر: 23].
3- بعض القرآن محكم وبعضه متشابه: بمعنى أن الآيات المحكمة هي أم الكتاب أي أن هذه الآيات جماع الكتاب وأصله، فهي بمنزلة الأم له، لا غموض فيها ولا التباس، كآيات الحلال والحرام التي هي أصل التشريع، بخلاف الآيات المتشابهة التي تختلف فيها الدلالة، على كثير من الناس، فمن رد المتشابه إلى المحكم الواضح فقد اهتدى. قال تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } [آل عمران ـ من الآية 7].
رد المتشابه إلى المحكم :
1- قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } [الزمر: 53].
هذه الآية متشابهة تحتمل معنيين:
المعنى الأول: غفران الذنوب جميعاً لمن تاب.
المعنى الثاني: غفران الذنوب جميعاً لمن لم يتب.
رد الآية المتشابهة إلى المحكمة: وهي قوله تعالى: { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } [طه: 82]. تبين من الآية المحكمة أن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب وهو مؤمن واتبع طريق الهدى .
2- قوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9].
هذه الآية تحتمل معنيين.
المعنى الأول: إن كلمة { إِنَّا نَحْنُ } تحتمل الواحد المعظم نفسه وهو حق.
المعنى الثاني: أنها للجماعة، وهو باطل، وتحتمل أيضاً الواحد ومعه غيره، فهي آية متشابهة تمسك بها النصارى الذين قالوا بالتثليث.
رد الآية المتشابهة إلى المحكمة :
وهي قوله تعالى: { إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } [النحل: 22].
وقوله تعالى: { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ }[المؤمنون: 91]. وقوله تعالى: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ٌ} [الإخلاص: 1].
تبين من الآيات المحكمة أن المراد بقوله: { إِنَّا نَحْنُ } هو الله الواحد المعظم نفسه.
حكمة ورود المحكم والمتشابه :
1- إن الله سبحانه احتج على العرب بالقرآن، إذ كان فَخْرُهم ورياستهم بالبلاغة وحسن البيان، والإيجاز والإطناب، والمجاز والكناية والإشارة والتلويح، وهكذا فقد اشتمل القرآن على هذه الفنون جميعها تحدياً وإعجازاً لهم.
2- أنزل الله سبحانه الآيات المتشابهات اختباراً ليقف المؤمن عنده، ويرده إلى عالِمِهِ، فيَعْظُم به ثوابه، ويرتاب بها المنافق، فيستحق العقوبة.
ولقد أشار الله تعالى في كتابه إلى وجه الحكمة في ذلك بقوله: { فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا } [البقرة ـ من الآية 26] ثم قال: جواباً لهم: { يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا } . فأما أهل السعادة فيعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، فيستوجبون الرحمة والفضل، وأما أهل الشقاوة فيجحدونها،فيستوجبون الملامة.
3- أراد الله عز وجل أن يشغل أهل العلم بردّه إلى المحكم، فيطول بذلك فكرهم، ويظهر بالبحث اهتمامهم، ولو أنزله محكماً لاستوى فيه العالم والجاهل، فشغل العلماء به ليعظم ثوابهم وتعلو منزلتهم، ويكرم عند الله مآبهم.
4- أنزل المتشابه لتشغل به قلوب المؤمنين ، وتتعب فيه جوارحهم وتنعدم في البحث عنه أوقاتهم، ومدد أعمارهم، فيجوزوا من الثواب حسبما كابدوا من المشقة.
وهكذا كانت المتشابهات ميدان سباق تنقدح فيه الأفكار والعلوم.
منشأ التشابه :
نشأ التشابه من خفاء مراد الشارع في كلامه، فمرة يرجع إلى اللفظ، ومرة يرجع إلى المعنى، ومرة يرجع إلى اللفظ والمعنى.
1- اللفظ: قوله تعالى: { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِين ِ} [الصافات: 93].
فلفظة: اليمين تحتمل استعمال يده اليمنى غير الشمال، وتحتمل أيضاً أن الضرب كان بقوة، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وتحتمل أن الضرب كان بسبب اليمين التي حلفها إبراهيم، وفي قوله تعالى: { وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } [الأنبياءـ من الآية 57].
2- المعنى: مثل ما استأثر الله بعلمه من أهوال يوم القيامة، وعلامات الساعة، والجنة والنار.
3- اللفظ والمعنى: قوله تعالى: { وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } [البقرة ـ من الآية 189] فهذا الخفاء في المعنى وفي اللفظ معاً إذ لا يمكن معرفة معنى هذه الآية إلا بالرجوع إلى تفسيرها، فقد كان أهل الجاهلية يعتقدون أن الرجل إذا أحرم بالحج لم يدخل من باب البيت بل يخرق خرقاً أو يدخل من وراء البيت، فرد عليهم القرآن وبيَّن أن ليس شيء من ذلك من أبواب البر ولكن البر هو التقوى.
آيات الصفات :
إنها محكمة لكونها صفات الله تعالى، متشابهة بالنسبة لنا من حيث كيفيتها مثل صفة:
الاستواء على العرش، فهي معلومة في معناها، ولكن الكيف مرفوع كما قال الإمام مالك: الإستواء معلوم، والكيف مرفوع، والسؤال عنه بدعة. أي معنى الاستواء معلوم، ونثبت له كيفية، فصفات الله منزّهة عن الكيف، والسؤال عن الآيات المتشابهات.
المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء العاشر
التفسير والتأويل
التفسير في اللغة: التبيين والكشف والتوضيح.
والتفسير في الاصطلاح: علم يبحث فيه عن أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة البشرية.
الفرق بين التفسير والتأويل
التفسير والتأويل مترادفان، في أشهر المعاني اللغوية. وفي الاصطلاح: التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلا وجهاً واحداً، والتأويل: توجيه لفظ متوجه إلى معان مختلفة، إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة .
فضل التفسير وشرفه:
قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: { يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيراً } البقرة ـ من الآية 269 ، قال: الحكمة: المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخة، ومحكمه ومتشابهة، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله. وقال الأصبهاني: أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن.
وصناعة التفسير قد حازت الشرف من جهات ثلاثة، من جهة الموضوع فلأن موضوعه كلام الله تعالى، الذي هوينبوع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة، ومن جهة غرضه فلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى، والوصول إلى السعادة الحقيقية، التي لا تفنى، ومن جهة شدة الحاجة إليه، فلأن كل كمال ديني أو دنيوي، عاجلي أو آجلي، مفتقر إلى العلوم الشرعية، والمعارف الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله.
ولسنا نجاوز الحقيقة إذا قلنا: إن مهمة الرسالة المحمدية، كانت في الدرجة الأولى تفسير القرآن وبيانه للأمة مصداقاً لقوله تعالى:
{ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون }سورة النحل: آية 44.
التفسير هو ماكان راجعاً إلى الرواية, والتأويل ما كان راجعاً إلى الدراية,
هذا ماقاله بعض علماء الأمة, فما معنى هذا الكلام ؟. لغرض فهم أكثر شمولية علينا معرفة ماهية
التفسير ,مدارسه, تاريخه, تطوره, وفرقه عن التأويل.
التفسير في اللغة هو التفصيل من الفسر, وكلاهما بمعنى الإبانة وكشف المغطى, وهذا المعنى اللغوي يستعمل في الكشف عن المحسات والمعقولات, فتفسير كلام الله تعالى هو بيانه بشرح آياته وجلاء العبارات الموجودة فيه..
وأما التفسير كعلم من العلوم الإسلامية فهو علم نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها, وكيفية النطق بألفاظها , وبيان مدلولاتها وأحكامها, وشرح معانيها الي تحمل عليها حالة التركيب, ثم أن علم تفسير القرآن الكريم يعنى بترتيب الآيات: مكيها ومدنيها, محكمها ومتشابهها, ناسخها ومنسوخها, خاصها وعامها, مطلقها ومقيدها, مجملها ومفصلها, حلالها وحرامها, وعدها ووعيدها, وغير ذلك من التفاصيل. وقد عرف العلماء التفسير بأنه: علم يُبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد من حيث دلالته على مراد الله وبقدر الطاقة البشرية. يقول محمد شمس (التفسير هو الكشف والبيان, وهو ما لا نجزم به إلا إذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن الصحابة الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع).
أما التأويل فهو مأخوذ من الإيالة وهي السياسة, فكأن المؤول يسوس الكلام ويضعه في موضعه. والتأويل ملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ, وهو يعتمد على الإجتهاد ويعرف بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها في لغة العرب واستعمالاتها بحسب السياق, ومعرفة الأساليب العربية واستنباط المعاني من كل ذلك..يقول الأستاذ كارم السيد غنيم في هذا:
إن التأويل نوعان :
أ- نوع يعتمد على السماع ويفهم طبقاً لقواعد اللغة العربية .
ب- ونوع يعتمد على المشاهدة وبه تتجلي التفاصيل والكيفيات من خلال استقراء الواقع في الآفاق وما تحمله مسيرة الزمن من وقائع وأحداث من خلال ما يفتح الله به على أهل كل عصر من الكشوف والمنجزات العلمية فإذا استقر النبأ أرى الله عباده تفاصيل ودقائق ما حمله النص من دلالات فتكتمل الحقيقة ويتجلي الإعجاز ، قال تعالى : { لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون }[ الأنعام ـ 67 ] .
والتأويل عملية معقدة جداً كما يصفها الدكتور أحمد الحجاجي , فالمؤول يجد في النص شيئاً لا يجده في ظاهره , لذا فقد اختلفت مواقف علماء المسلمين من التأويل وتعددت الآراء فيه، وقيل فيه الكثير:
فقيل هو نفسه التفسير , وقيل التفسير أعم من التأويل , وقيل العكس , وقيل التفسير هو بيان وضع اللفظ والتأويل باطن اللفظ فالتفسير إخبار عن دليل المراد والتأؤيل بيان حقيقة المراد , وقيل التفسير هو المعنى الظاهر للآية والتأويل هو ترجيح بعض المعاني المحتملة للآية.
يقول السيوطي في إتقانه: التفسير هو كشف معاني القرآن والتأويل هو ما استنبطه العلماء العارفون من المعاني الخفية والأسرار الربانية اللطيفة التي تحملها الآية الكريمة.
ويقول الماتريدي والقشيري وغيرهما: التفسير في المعنى لا يحتمل غيره فهو قطع وشهادة على أن الله تعالى عنى باللفظ هذا , والتأويل ترجيح أحد الاحتمالات بالدليل بلا قطع ولا شهادة. فالتفسير مقصور على السماع, فما بين في الكتاب والسنة يسمى تفسيراً, وليس لأحد أن يتعرض له باجتهاد ولا غيره , لأنه من باب الدراية , والتأويل ما استنبطه العلماء العالمون بمعاني الخطاب, فهو من باب الدراية.
**ولقد أجمع علماء التفسير على أن الأصل في تفسير القرآن أن يقوم على ظاهر معنى ألفاظه , دون تأويل إذا لم يمنع منه مانع من العقل والشرع , وأما إذا منع من ظاهر المعنى مانع فهناك مذهبان:
1. مذهب السلف الصالح من علماء الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين, الذي يقول بالأخذ بظاهر المعنى والتصديق به مع تفويض معرفة حقيقته إلى الله تعالى بما يتفق مع كمال ذاته وصفاته عملاً بالآية السابعة من آل عمران. ومن علماء السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل الإمام مالك بن أنس وسفيان الثوري ومقاتل بن سليمان وأحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني.
2. مذهب الخلف من العلماء الذين تبعوهم, وقد رأوا باجتهادهم أهمية التأويل عند الضرورة منعاً من الوقوع بالتشبيه وقطعاً لدابر كل شبهة قد تعلق بالقلوب بشأن صفات الله تعالى , خصوصاً بعد أن اعتنق الإسلام خلق كثير من أمم من غير العرب كانت لها تقاليد وفلسفات وأفكار متأصلة في تركيبها وبنيتها الاجتماعية , وهذا ما قاله الطبري والغزالي والزمخشري والرازي والسيوطي وغيرهم من علماء الخلف.
على أن هذا الأمر من الخطورة بمكان إذا ترك دون تقنين , فعلى الرغم أن علماء المسلمين قد أجازوا التأويل في التفسير إذا لم يكن هناك مانع شرعي من ذلك، فإن التوسع فيه قد فتح باب الشطط في التخيل والتصور وأوقع بعض المؤولين في مزالق خطيرة , فادعوا أن للقرآن ظاهراً وباطناً , وأن الباطن له عدة بواطن لا يعرفها حق المعرفة إلا أشخاص معينون يوحى إليهم , وأنهم يسمعون الكلام الموحى به, ولكنهم لا يرون من يكلمهم.. فكان التفسير الباطني للآيات القرآنية مليئاً بالكفر والزيغ والأباطيل والافتراءات والشرك والإلحاد كما أوضح ذلك العلامة البقليني , وتكونت فرق الباطنية الذين ادعوا أن النصوص ليست على ظواهرها وأن لها معاني باطنية لا يعرفها إلا المعلم , وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية.
يقول الأستاذ أحمد حسن الباقوري حول موضوع التفسير العلمي لآيات الله تعالى ما معناه:
إننا يجب أن نأخذ الموضوع مأخذ الأمة الوسط لا تفريط ولا إفراط، فلا نجزم بأنها التفسير الذي قصده الله تعالى للآية، ولا نذهب مذهب قدامى المتورعة في تفسير القرآن وتأويله، فنقول كما كانوا يقولون ((آمنا بكتاب الله على مراد الله)).. ولسنا نرتاب –جنبك الله الشبهة- في أن كلا الأمرين غير خليق بالاعتناق لمن أراد إنصاف القرآن الكريم من نفسه. فأما الأمر الأول القائم على الجزم بمثل ما ذكره أهل التفسير العلمي للآيات، فهو مع أنه اجتهاد مثوب لا يستطيع أحد أن يزعمه وسيلة إلى صولة الجزم وبرد اليقين ، فإن السبيل إلى هذا اليقين لا يكون إلا بإخبار الله على لسان المعصوم صلى الله عليه وسلم، أو ربما يكون الخروج عليه والإعراض عنه خروجاً على ما تقتضي به الضرورة وتسوق إليه المشاهدة ، ورأي هذا أو ذاك في مثل هذه الأمور الغيبية ، ومما لم يرد به عن المعصوم خبر ولم تقض به ضرورة حس أو عيان.. ومن هنا نرى أن أسلافنا إذا لاح لهم حول آيات القرآن معنى لم يرد به عن المعصوم خبر ولا قضت به ضرورة حسن أو عيان ، نراهم –على ميلهم إليه وارتباطهم له- لم يكونوا يضعونه موضع التفسير أو التأويل للآية ، وإنما كانوا يجعلونه بمعزل عن تفسيرها وتأويلها ، حتى يجمعوا بين الفضيلتين: فضيلة عدم التأثم من القول في القرآن بغير علم ، وفضيلة التنبيه إلى أن في الآية معنى خليقاً بالرعاية والاعتبار.
وساق الأستاذ أحمد حسن الباقوري أمثلة على قوله هذا من تفاسير عديدة ومنها صاحب محاسن التأويل ومنها قوله تعالى:
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ }، (الشورى:29), فيقول نقلاً عنه رحمه الله، فلا يبعد أن يتخابرا ويجتمعا فكراً، إذا لم يجتمعا جسماً، فلينظر الفلكيون إلى ما حوته هذه الآية المكنوزة في القرآن الكريم ، وليعلم المعجبون منا بالعلوم العصرية الضاربون صفحاً عن العلوم الإسلامية ، ما في كتاب الله من الحكمة والبيان.. ونص رحمه الله بقوله : لا يخفى أن القرآن العظيم نزل لبيان الحق وتعليم الدين أولاً وبالذات. لكن –تمهيداً لهذه السبيل- أتى بشذرات من العلوم الفلكية والطبيعية، وصرف بصائر الناس إلى التفكر في خلق السموات والأرض ، وما هن عليه من الإبداع فوجه أبصارهم إلى التأمل في خلق الإنسان وما هو عليه من التركيب العجيب ، وإلى غير ذلك من الأمور الفلكية والطبيعية في أكثر من ثلاثمائة آية ، فالمفسرون –رحمهم الله- فسروا هذه الآيات وشرحوا معانيها على مقدار محيط علمهم بالعلوم الفلكية والطبيعية. ولا يخفى ما كانت عليه هذه الآلات في زمنهم من النقصان ، فهم معذورون إذا لم يفهموا معاني هذه الآيات التي تحير عقول فلاسفة هذا العصر المتضلعين بالعلوم العقلية. لذلك لم يفسروا هذه الآيات حق تفسيرها. بل أولوها وصرفوا معانيها عن الحقيقة إلى الكناية ، أو إلى المجاز.. ذلك ما ذكره العلامة جمال الدين القاسمي سنة 1914م وهو أحد طلاب الإمام محمد عبدة.
وأما الأمر الثاني الذي يطبق فيه الآخذون به في شعارهم القائل ((آمنا بكتاب الله على مراد الله)) ، فلا ندخل في تعليل الأسباب ونلهث وراء الفلسفة والعلوم والاجتهاد فإنه غلو شديد في الاحتياط ينتهي بسالكي سبيله إلى التعطيل وتجريد القرآن عن معانيه الداعية إلى الإنتفاع منه.. ولو أن المسلمين حرموا نعمة الاجتهاد، ومنعوا أن يعملوا آراءهم في كتاب الله –متقيدين بلغته ومقاصده- لحرموا خيراً كثيراً. وقد ثبت في أصول الفقه –على ما يروي ذلك العلامة الفخر الرازي في كتابه مفاتيح الغيب- أن المتقدمين إذا ذكروا وجهاً في تفسير الآية فإن ذلك لا يمنع المتأخرين من استخراج وجه آخر في تفسيرها، ولولا جواز ذلك لصارت الدقائق التي استنبطها المتأخرون في تفسير كلام الله تعالى مردودة باطلة، ومعلوم أن هذا القول لا يقول به إلا مقلد لا وزن له.. وربما قال قائل: أوليس الله تعالى قال في كتابه العزيز: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } (آل عمران ـ 7), وعلينا أن نؤمن بالمتشابه على مراد الله وإن لم نفهمه، فنفوض الأمر فيه إلى الله؟، فيكون مثل المفوضين في المتشابه كمثل الذين يقولون: آمنا بكتاب الله تعالى على مراده. نقول: صحيح أن أهل السنة والجماعة –وهم أهل العلم الصحيح- يقفون على قوله تعالى: { إلا الله } ثم يبتدئ بقوله: { والراسخون في العلم يقولون آمنا به } ، أي إن الله تعالى هو العالم بتأويله ومعناه، إلا أن ذلك لا يمنع من اجتهاد المجتهد بناء على أسس علمية رصينة، لكن لا يأخذ هذا من باب الإلزام فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد،
** وفي جميع الأحوال يكون اليقين والإيمان ملازمين للعالم والمجتهد بما جاء في كتاب الله على مراد الله . وهؤلاء الراسخون في العلم يأتم بهم ويذهب مذهبهم اتباعهم والآخذون عنهم ، وعلى ذلك لا يكون إيمان المسلمين بالقرآن قائماً على التعطيل ولكنه يكون قائماً على الفهم ، وحسن التأويل ، وكل تأويل يزيد المسلم اطمئناناً إلى فهم الآية من كتاب الله واجب عليه أن يأخذ به ، وأن يجري على سنته، ما دام متعبداً بحدود اللغة التي نزل بها ، وملتزماً حدود الشريعة التي أوضح معالمها ورفع أعلامها.
**إن الإسلام دين الوسط فلا يمنع التدبر والتفكر ولا يلزم الناس بما لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعطي الأمور حقها من الربط والتأمل –وليس التفسير- وللناس في ذلك مذاهب فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه فالعبرة في تذكير الناس بكتاب ربهم وسبقه للعلوم وليس بالدخول في جدال سفسطي يقسي القلوب وينخر المحبة في الله والاعتصام بحبله المتين.
**وهنا أود أن أشير إلى حقيقة مهمة وهي: إن النظر إلى الصور المختلفة لكتاب الله المنظور أي الكون تعطي انطباعات مختلفة للناظر فمنهم من يعجب به جميعاً, ومنهم من يركز النظر إلى النجوم, ومنهم من يعجب بالبحر , أو الغروب , أو الطيور المهاجرة , أو بما تحت البحار وأعماق الأرض وهكذا. وكذلك الحال للقرآن والكون المسطور (أو الكتاب المسطور) تنظر إليه وتقرأه فتجد فيه من المناظر والكنوز والإعجازات ما لا تنتهي عجائبه حتى قيام الساعة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فمهما حاولت وصفه والولوج إلى أسراره فلا تستطيع أن تعطيها حقها ، وهذا الكنز العظيم مهما أخذت منه فلا ينقص منه شيء فهو منهل لنا كما هو أمانة في أعناقنا نصونه ونخدمه جيلاً بعد جيل ونسعى للنهل من عيونه الرقراقة وكنوزه البراقة ما حيينا كما فعل أسلافنا وسيفعل أحفادنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
إذن للتفسير القرآني أنواع وأساليب مختلفة وهو يختلف عن التأويل الذي يعني فيما يعنيه التفسير التفصيلي والدخول في أعماق المسائل . وقد وردت كلمة (التأويل) ثلاث مرات في سورة يوسف ومرتين في الكهف. والتأويل والاستنباط أمران مباحان للفكر الإسلامي على مر العصور دون شرخ لأصول وأطر التفسير العامة ليس في علوم القرآن التقليدية المعروفة كاللغة والبلاغة والبديع والبيان والمعاني والنحو والصرف، وأسباب النزول, والناسخ والمنسوخ, وعلوم القراءات , وأصول الدين , والفقه وأصوله , ومقاصد الشريعة , والحديث وعلومه فحسب , وإنما في كل العلوم الدنيوية الأخرى- إذ أن التفسير لعموم اللفظ لا لخصوص السبب- مصداقاً لقوله تعالى:
{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً } (النساء ـ 83), وقوله تعالى:
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُون َ}(الأعراف ـ 53).
إن تأويل نصوص القرآن والسنة نوعان كما يقول الشيخ الزنداني في كلمته إلى المؤتمر الثاني للإعجاز الطبي في القرآن والسنة الذي انعقد بالقاهرة 1407هـ-1987م وهما:
• نوع يعتمد على السماع ويفهم طبقاً لقواعد اللغة العربية التي نزل بها القرآن, وما صح في بيانها من النصوص والآثار.
• نوع يعتمد على الرؤيا والمشاهدة, وبه تتجلى التفاصيل والكيفيات, وسبيله مشاهدة هذه الحقائق في الواقع في كل الآفاق وفي المعامل والمختبرات, أو فيما تحمله لنا مسيرة الزمن من الوقائع والأحداث. فإذا تضمنت بعض نصوص الكتاب والسنة دلالة على سنة من السنن الكونية أو حقيقة من الحقائق العلمية فلا بد أن تحمل ألفاظ النصوص معنى هذه الدلائل بطريقة يتغير معها المعنى ولا يلتبس بها المراد , وأن تتوارث أجيال الأمة ذلك المعنى الصحيح جيلاً بعد جيل طبقاً لقواعد اللغة التي نزل بها القرآن الكريم وفهمها المخاطبون وقت نزوله, لأنه يستحيل أن يغلق فهم معنى آية من كتاب الله تعالى على أهل جيل بأكمله , وهذا من مقتضى الحفظ الذي ضمنه الله تعالى لكتابه.
يقول الأستاذ الدكتور كارم غنيم: (وبعد فإذا اعتبرنا الكلام في تجلية جوانب الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ضرباً من ضروب التأويل, فإن التأويل غير الملتزم بالضوابط والأصول ما هو إلا رأي شخصي مردود على صاحبه, وباب الاجتهاد مفتوح وليس مقصوراً على فريق دون آخر, ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده وإلى أن تقوم قيامة الناس).
ولعلنا هنا نقف باحترام لكل العاملين في مجال توضيح هذه العلوم للأمة، والمتصدين لهذه المسؤولية العظيمة كثر، ولكن هناك إنجازات مميزة تفرض نفسها على الواقع الثقافي الإسلامي، ولعل من أبرز وجوهها العمل الطيب الذي قام به مجموعة من المؤلفين وهو كتاب (معجم تفاسير القرآن الكريم)، والذي صدر الجزء الأول منه عام 1997، ثم رأت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة أن تعيد نشر الجزء الأول مع الجزء الثاني في هذه الطبعة، وذلك بالتعاون مع دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في سلسلة الدراسات الإسلامية. وجاء الجزء الأول شاملاً لتسعة وثمانين تفسيراً من تفاسير القرآن الكريم صدرت في مختلف العصور ، قام بإعداده رهطٌ من علماء جامعة القرويين في فاس بالمملكة المغربية.. وقد لقي هذا المعجم قبولاً حسناً عند صدوره الأول في مختلف الأوساط العلمية والمحافل الثقافية التي تعنى بإحصاء العلوم الإسلامية بخاصة . وأما الجزء الثاني فقد جاء جامعاً لمائة تفسير مما لم يرد في الجزء الأول . واتبع المصنف في هذا الجزء منهجاً شرحه في المقدمة التي كتبها بقوله: "أن مفهوم التفسير، عندي ، يقوم على أن التفاسير إما كلية ، أو جزئية، والاهتمام ينصب بالدرجة الأولى على التفاسير الكلية المستوعبة ، أما التفاسير الجزئية لبعض أجزاء القرآن ، فهي من الكثرة والتنوع بحيث لا يمكن حصرها ، على أنه يعتبر منها ما يختص بتفسير سورة أو عدة سور ، أما تفاسير بعض الآيات الخاصة ، فلا تعدُّ ولا تحصى ، ومن تصميم التفسير ومهمّه ، تفسير آيات الأحكام ، وقصص الأنبياء المأخوذة من القرآن ، وكتب أسباب النزول، وكتب الناسخ والمنسوخ ، وكتب غريب القرآن ، وإعرابه ، ونظائر القرآن ، وكتب القراءات ، لا التجويد ، بشرط أن تكون تعني بالتوجيه والتعليل..".
من خلال هذا المفهوم، وفي إطار هذه الرؤية الشاملة ، وعملاً وفق هذا المنهج ، قام المصنف ، في الجزء الثاني بالتعريف بمائة نص زائدة على ما في الجزء الأول من قبل ، بين مخطوط ومطبوع مما وقف عليه ، ويشير في المقدمة إلى أنه "جمع مائة أخرى وهي في متناول اليد". وتجدر الإشارة إلى أن المنظمة الإسلامية أنجزت بعملها هذا معجماً لتفاسير القرآن الكريم لم يسبق أن عرفته المكتبة الإسلامية بهذه الإحاطة والاستيعاب والشمول.
***لقد ظلّ الصحابة والتابعون بعد أن التحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى ، يتدارسون القرآن الكريم مفسرين آياته ، مستنتجين منها ما يعنُّ لهم من قضايا وأحداث، فقد كان لهم مصدراً للمعرفة، والعين الثرّة التي تتدفق عطاء، على مستوى العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلمية جميعاً، فشغلتهم دراسة القرآن الكريم عن كل شيء ؛ يتعبدون به في صلواتهم وتهجدهم، وينصاعون لتوجيهاته في تشريعاتهم وأمور دينهم ودنياهم، ويحتكمون إليه في قضاياهم ومشكلاتهم ولكي يفهموه حق فهمه اهتموا بشرح كلماته وبيان معانيه ، وتفسير أحكام ، فكان القرآن الكريم محور كل العلوم وهدف كل الدراسات على مر العصور والأزمان... ومن حقائق التاريخ أن التفاسير المبكرة وصلت كلها تقريباً في مسلسلات الرواة ، وأسانيد القراء ، وهي من خصوصيات الثقافة الإسلامية المروية بالأسانيد . وكان لا بد أن يهتم الباحثون بالمراجع الأصلية للثقافة الإسلامية في علوم القرآن والحديث التي يعتمد عليها عند دراسة مناهج المفسرين ومذاهبهم ، لذا قامت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ، تيسيراً للرجوع إلى أمهات هذه المراجع ، بوضع معجم لتفاسير القرآن الكريم ، يرصد جهود المفسرين ، ويبحث مذاهبهم في التفسير ، ويتقصى مصادر دراساتهم ، ويقدم نماذج من أعمالهم مما يمكّن الباحث من معرفة جهد كل مفسر ومذهبه لئلا يخطئ القصد والهدف ، وحتى لا يلتبس عليه سبيل الهدى ، فيضلّ عن الاستفادة منه.
شروط التفسير
لقد وضع علماء الإسلام شروطاً صارمة للتفسير لأهميته وخطورته وفي هذا الموضوع تفاصيل كثيرة , فارتأينا أن نبين كمثال على ذلك ما وضعه السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه (الإتقان) من شروط توجب على القائم بالتفسير أن يستوفيها , وهي إتقانه لخمسة عشر علماً وهي:
1. علم اللغة: لمعرفة شرح مفردات الألفاظ ومعلوماتها بحسب الوضع.
2. علم النحو: لأن المعنى يختلف باختلاف الإعراب.
3. علم الصرف: فعن طريقه تعرف الأبنية.
4. علم الاشتقاق.
5. علم المعاني: وبه يعرف خواص ترتيب الكلام.
6. علم البيان: وبه يعرف خواص الكلام من حيث موضع الدلالة.
7. علم البديع: وبه يعرف وجوه تحسين الكلام.
8. علم القراءات: وبه يعرف كيفية نطق الآيات ومخارج الحروف.
9. علم أصول الدين.
10. علم الفقه وعلم أصول الفقه: وبه تعرف الأحكام من دلالات النصوص باعتبار المعاني وضعاً واستعمالاً في الخاص والأمر والنهي والمطلق والمقيد والعام والتخصيص والمشترك والحقيقة والمجاز, منطوقاً ومفهوماً, وضوحاً وخفاءً في الدلالات القطعية والظنية والغامضة.
11. علم أسباب النزول :وبه تفهم الآية بحسب ما أنزلت فيه من أحداث.
12. علم الناسخ والمنسوخ: وبه يعرف المحكم وغيره.
13. الأحاديث الصحيحة المبينة للمجمل والمبهم.
14. الموهبة: وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم.
مراحل علم التفسير
لقد مر التفسير عبر العصور الإسلامية بعدة مراحل كما قسمها الدكتور كارم غنيم :
• المرحلة الأولى: التفسير المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• المرحلة الثانية: التفسير المأثور عن الصحابة والتابعين, ويقسم إلى خمسة أقسام وهي تفسير القرآن بالقرآن , والتفسير بالسنة النبوية الشريفة , وبأسباب النزول , والتفسير اللغوي والبلاغي , والتفسير الإجتهادي, ومن أبرز من برع فيه سيدنا علي و سيدنا ابن عباس و سيدنا عبد الله ابن مسعود والسيدة عائشة , ومن التابعين سعيد بن جبير ومجاهد وبن عيينة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
• المرحلة الثالثة: التفسير المعني باللغويات.
• المرحلة الرابعة: مرحلة التفسير بالرأي , وهو نوعان تفسير محمود وتفسير مذموم.
• المرحلة الخامسة : مرحلة إبراز أوجه الإعجازات القرآنية وعلى رأسها الإعجاز العلمي للآيات الكونية في القرآن.
كما يمكن تقسيم أنواع التفسير إلى: التفسير بالمأثور , التفسير بالرأي, التفسير الفقهي , التفسير الأدبي , التفسير اللغوي , التفسير الصوفي والإشاري , التفسير الموضوعي , التفسير البلاغي , التفسير الفلسفي , التفسير العلمي..
وبعد فإن هناك ثلاثة أصول للتفسير هي : تفسير القرآن بالقرآن , التفسير النبوي , والتفسير اللغوي . وفيما يلي تفصيلات مهمة في كل مرحلة من تلك المراحل:
أولاً: تفسير النبي صلى الله عليه وسلم
ذهب ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير إلى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بين لأصحابه كل معاني القرآن ، استناداً إلى الآية السابقة ، إذ لو لم يبين كل معانيه ، كان مقصراً في البيان الذي كلف به .
وجمهور العلماء يرى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – فسّر بعض الآيات دون البعض ، فمن القرآن ما استأثر الله بعلمه ، ومنه ما يتبادر فهمه ، ولا يعذر أحد بجهله ، فليس الرسول في حاجة إلى تفسيره . لكن السنة النبوية بينت كثيراً من المجمل ، كتحديدها لمواقيت الصلاة ، وعدد ركعاتها ، وكيفيتها ، وتحديدها لمقادير الزكاة وأنواعها وأوقاتها ، وتبيينها مناسك الحج . إلى غير ذلك من الفروع. ووضحت كثيراً من المشكل، كتفسيره – صلى الله عليه وسلم – الخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر. وخصصت بعض العام، كتخصيصه – صلى الله عليه وسلم – الظلم بالشرك ، في قوله تعالى: { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } سورة الأنعام: آية 82
وقيدت بعض المطلق، كتقييدها اليد باليمين، من قوله تعالى: { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا } سورة المائدة: آية 38. وقد أفردت بعض كتب الحديث باباً للتفسير جمعت تحته كثيراً من التفسير المأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
ثانياً: تفسير الصحابة رضي الله عنهم
لا شك أن القرآن الكريم كان هدف الصحابة الأول، يحفظونه ويفهمونه، ويتلقفون ما يصدر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بشأنه، ويهتدون بهديه، وينشرون نوره.
ولا شك أنهم كانوا أعلم الناس بالظروف والملابسات التي أحاطت بنزول القرآن، والتي تعين على فهم آياته ووقائعه. ولا شك أنهم كانوا أعلم من غيرهم بأوضاع لغة العرب وأسرارها. .لكنهم –رضي الله عنهم- لم يكونوا في درجة واحدة من قوة الفهم وسعة الإدراك والقدرة على التعبير فاشتهر بالتفسير منهم عدد قليل –ذكرهم السيوطي في الإتقان- وهم الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير.
وأكثر هؤلاء العشرة لم يرو عنهم في التفسير إلا الشيء القليل، إما لتقدم وفاتهم، أو لانشغالهم بمهامهم.
والمكثرون في التفسير أربعة:عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
القيمة العلمية لتفسير الصحابة: المقصود بهذا البحث ما صح إسناده إلى الصحابة من التفسير، أما الذي تضاربت فيه الروايات، وضعفت فيه الأسانيد، وطعن في طريق وصوله، فلا خلاف في أنه لا يعتمد عليه ولا يؤخذ به. ثم ما صح عن الصحابة في التفسير، إما أن يكون في أسباب النزول، وفي أمور لا مجال للرأي والاجتهاد فيها كأمور الآخرة، وإما أن يكون للرأي فيه مجال.
فالأول له حكم الحديث المرفوع، وعلى المفسر أن يأخذ به، ولا يحيد عنه.
وأما الثاني: أي ما كان للرأي فيه مجال فهو من قبيل الوقوف على الصحابي، هذا لا يجب الأخذ به، لأن الصحابي في هذه الحالة مجتهد، والمجتهد يخطئ ويصيب. لكن إذا أجمع الصحابة على شيء فيجب الأخذ به.
نعم تطمئن نفس المفسر إلى ما روي عن الصحابة من هذا القبيل أكثر مما يسند إلى غيرهم، لظن سماعهم له من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولأنهم أعلم الناس بكتاب الله، فهم أهل اللسان، وهم الذين حصلت لهم بركة الصحبة وفضلها، وهم الذين شاهدوا قرائن نزول الآيات وأحوالها. فإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة.
ثالثاً: تفسير التابعين رضي الله عنهم
تلقى التابعون دروس التفسير من أعلام الصحابة واعتمدوا على أقوالهم في فهم القرآن الكريم، كما اعتمدوا على قدرتهم في الفهم والنظر والاجتهاد. ومن هؤلاء التلاميذ الأجلاء: -
سعيد بن جبير، مجاهد بن جبر، عكرمة البربري، طاووس بن كيسان، عطاء بن أبي رباح.
القيمة العلمية لتفسير التابعين.: من المعلوم أن عدالة التابعين غير منصوص عليها، كما نص على عدالة الصحابة، فتفسيرهم لا يجب الأخذ به، وإن كان مأخوذاً عن الصحابة. أما إذا أجمعوا على أمر فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك.
رابعاً: تطور التفسير في عصور التدوين
يمكن تقسيم المراحل التي مر بها التفسير في هذه الأزمنة المتطاولة إلى أربع مراحل: -
المرحلة الأولى: مرحلة تدوين التفسير على أنه باب من الحديث، وقد ابتدأت هذه المرحلة بابتداء التدوين لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تدويناً مرتباً على أبواب.
المرحلة الثانية: مرحلة استقلال التفسير عن الحديث، ووضع تفسير لآيات القرآن مرتباً على ترتيب المصحف، مع المحافظة على الإسناد.
المرحلة الثالثة: مرحلة حذف الأسانيد، وكثرة الدخيل والعليل، وقد ألفت كتب كثيرة في التفسير بالمأثور، لكنهم اختصروا الأسانيد، بل نقلوا أقوال السلف من غير أن ينسبوها إلى قائليها، فكثر الوضع في التفسير، وانتشرت الإسرائيليات انتشاراً أضاعت الثقة فيه.
المرحلة الرابعة: مرحلة التفسير بالرأي، وقد انتشر هذا النوع من التفسير بانتشار العلوم والمعارف، واختلاف الآراء، وكثرة المذاهب.
فقد دونت علوم اللغة، ودون النحو والصرف، واتسع نطاق المذاهب والآراء الفقهية، والكلامية، وترجمت كتب كثيرة من كتب الفلاسفة، فتأثر التفسير بكل ذلك. بل خضع التفسير لاستعداد المفسر، ونوع نبوغه العلمي، واتجاهه المذهبي حتى كاد كل تفسير أن يقتصر على الفن الذي برع فيه مؤلفه.
فالنحوي مثلا- كالزجاج والواحدي وأبي حيان – يبذل قصارى جهده في الإعراب ويستطرد إلى فروع النحو وخلافياته حتى يطغى فنه على التفسير.
وصاحب العلوم العقلية – كالفخر الرازي – جعل عنايته في تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة، وشبههم والرد عليهم، والانسياق الكثير في الأمور الكونية، حتى قيل عن كتابه –مفاتيح الغيب – فيه كل شيء إلا التفسير.
والفقيه – كالقرطبي – يلتمس من الآية أدنى مناسبة ليدخل في الفروع وأدلتها، والرد على مخالفي مذهبه، حتى يبعد عن التفسير.
وصاحب التاريخ والقصص- كالثعلبي والخازن – لا يصل إلى خبر أو قصة حتى يدع الآية جانباً، ويدخل في الأخبار والحكايات.
وصاحب البدعة – كالرماني والجبائي والزمخشري والطبرسي – كل همه التأويل والتكلف لتنزيل الآية على مقتضى نحلته وهواه.
ومن العلماء من عني بموضوع خاص من التفسير، فخصه بالبحث والتأليف.
فابن القيم أفرد كتاباً في أقسام القرآن، سماه التبيان في أقسام القرآن.
وأبو عبيدة أفرد كتاباً في مجازا لقرآن، والراغب الأصفهاني ألف كتاباً في مفردات القرآن، وأبو جعفر النحاس ألف كتاباً في الناسخ والمنسوخ من القرآن. وكثير غير هؤلاء عنوا بناحية خاصة من نواحي القرآن الكثيرة النافعة فبرزوا وأسهبوا، وأصبحت بحوثهم مراجع في موضوعاتهم.
أنواع التفسير
من خلال ما تقدم يتبين لنا أن التفسير نوعان: هما التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي.
التفسير بالمأثور:
هو الذي يعتمد على صحيح المنقول بالمراتب الآتية: تفسير القرآن بالقرآن، أو بالسنة لأنها جاءت مبينة لكتاب الله، أو بما روي عن الصحابة لأنهم أعلم الناس بكتاب الله، أو بما قاله كبار التابعين، لأنهم تلقوا ذلك غالباً عن الصحابة.
وحكمه: يجب إتباعه والأخذ به لأنه طريق المعرفة الصحيحة شريطة التثبت من الآثار والروايات الواردة في بيان معنى الآية، وعدم الاجتهاد في بيان معنى من غير أصل، والتوقف عما لا طائل تحته ولا فائدة في معرفته ما لم يرد فيه نقل صحيح كالاسرائليات، وهي الأخبار والروايات الواردة عن أهل الكتاب. ومن أشهر الكتب المؤلفة فيه جامع البيان في تفسير القرآن لمحمد بن جرير الطبري.
التفسير بالرأي:
هو الذي يعتمد فيه المفسر في بيان معنى الآية على فهمه الخاص واستنباطه بالرأي المجرد عن الهوى،
وحكمه: جواز الأخذ به شريطة صحة الاعتقاد وعدم تجاوز التفسير بالمأثور، والإلمام بأصول العلوم المتصلة بالقرآن، واللغة العربية وفروعها، ودقة الفهم. علماً أن تفسير القرآن بالرأي والاجتهاد من غير أصل حرام ولا يجوز الأخذ به. لقوله تعالى: { ولا تقف ماليس لك به علم } الإسراء ـ من الآية 36، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( من قال في القرآن برأيه – أوبما لا يعلم – فليتبوأ مقعده من النار ) أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود، وحسنه الترمذي. والكتب االعلمي:يه كثيرة منها: مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي.
التفسير العلمي:
كما جاء القرآن الكريم دعوة صريحة للإيمان الصحيح، ومكارم الأخلاق، جاء دعوة صريحة للعلم والنظر والتفكر، ويكفي أن أول ما نزل منه قوله تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ---- إلى قوله علم الإنسان مالم يعلم ) سورة العلق: آية 1 – 5. ولا نجد كتاباً سماوياً كرم العلم، ودعا في مواضع كثيرة، للتزود من منهل هذا العلم كهذا القرآن.
حكمه: اختلف العلماء في موضوع التفسير العلمي بين مؤيد ومعارض، والذي يراه معظم المتبحرين في علوم القرآن الكريم: أن التفسير العلمي ضرورة تتطلبه ظروف العصر الحاضر، شريطة أن يتهيأ لذلك ذوو الاختصاص والخبرة، وشريطة أن لا يكون التفسير حسب نظريات وهمية متداعية، أونظريات متغيرة، بل لابد أن يكون حسب الحقائق العلمية الثابتة. الخ.أخذ بعين الاعتبار أن القرآن الكريم كتاب هداية وإعجاز وليس كتاب طب أو هندسة أو كيمياء..... الخ .
برمجة القرآن الكريم وفهرسته من خلال الحاسب الآلي:
إن نظام البرمجة بصورة عامة يعني إدخال المعلومات المراد برمجتها في الحاسب الآلي ( الكمبيوتر )، وكان في البداية مقتصراً على الدراسات والبرامج الإحصائية والمالية والاجتماعية، ثم انتقل هذا البرنامج إلى الدراسات القرآنية، وهذا الأمر يعد خطوة هامة ورائدة تفتح آفاقاً علمية وتعليمية واسعة، تخدم في جملتها القرآن الكريم، وتعد بحق وسيلة جديدة لحفظ كتاب الله، ونشره وتعليمه، والدعوة إليه. وهذا دليل واضح على أن الإسلام لديه القدرة على استيعاب منجزات الحضارة الحديثة، بل هو الذي يوجهها ويقيمها على أسس سليمة ثابتة من العقيدة والشريعة.
ومعنى برمجة القرآن ها هنا: تسخير الحاسب الآلي لخدمة القرآن الكريم بدءاً بمعرفة ألفاظه وآياته وموضوعاته، وانتهاءً بالإسهام في نشر عقيدته وتشريعاته. وحكم هذا العمل جائز ومندوب شرعاً لما يحققه من خطوات عملية في مجال المحافظة على القرآن الكريم.
ترجمة القرآن الكريم:
معنى الترجمة: هي نقل الكلام من لغة إلى أخرى، والترجمان: بضم التاء وفتحها: المفسر الذي ينقل الكلام من لغة إلى أخرى. وتطلق الترجمة على تفسير الكلام بلغته التي جاء بها.
وعلى هذا فإن ترجمة القرآن تعني تفسيره وبيان معانيه ومراميه ومقاصده بلغة غير لغته.
أقسام الترجمة: هناك نوعان من الترجمة لا ثالث لهما وهما:
الترجمة الحرفية:
وتراعى فيها المحاكاة الأصلية في النظم والترتيب، فالمترجم ترجمة حرفية يقصد إلى كل كلمة في الأصل، فيفهما ثم يستبدل بها كلمة تساويها في اللغة الأخرى، مع وضعها موضعها وإحلالها محلها، وإن أدّى ذلك إلى خفاء المعنى المراد من الأصل.
الترجمة التفسيرية:
وهو ترجمة معاني القرآن، أو ترجمة تفسير ألفاظه بعد فهمها وإدراك أبعادها ومقاصدها والمراد منها.
خلاصة القول: إن الترجمة الحرفية غير ممكنة بل مستحيلة في القرآن الكريم، فمن المتعذر أن يبدل حرف أو كلمة بما يساويه من اللغة الأخرى، إذ أنه يخرج بالقرآن عن كونه قرآنا، فضلاً عن أنه يذهب بإعجازه وفصاحته، ورصانة نظمه، هذا بالإضافة إلى أنه يذهب معانيه ومدلولا ته الأصلية والتبعية.
أما الترجمة التفسيرية فهي ممكنة وجائزة بل قد تكون واجبة إذا كانت هي السبيل الوحيد لتبليغ القرآن الكريم، لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أن الترجمة التفسيرية لا تعدو كونها ترجمة لمعاني القرآن أو ترجمة تفسيره، فهي لا تعد قرآناً بحال، وليست معجزة، ولا يتعبد بتلاوتها ولا يقرأ بها في في الصلاة.